قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 03 كانون1/ديسمبر 2014 19:20

الأديب محمد الصالح الصديق عاشق لغة القرآن

كتبه  الدكتور مولود عويمر
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

قد كتب الأستاذ محمد الصالح الصديق كثيرا عن اللغة العربية، و بيّن دورها في تأسيس الثقافة و الحضارة الإسلامية في القرون الخالية، و عبّر بصراحة في عدة مؤلفاته عن تفاؤله – الذي ليس له نظيرفي مستقبلها الزاهر رغم وجود عدة مؤشرات تقول عكس ذلك، مستأنسا دائما بأقوال و آراء العلماء و الأدباء العرب و المسلمين و غيرهم. كيف بدأت علاقته باللغة العربية؟ ما هي نظرته إلى هذه اللغة ؟ ما هو موقفه من تعلم اللغات الأخرى؟

 

كل هذه الأسئلة و غيرها أجيب عنها من خلال سياحة قصيرة في كتابه “العربية لغة العلم و الحضارة” الصادر في عام 2009  عن ديوان المطبوعات الجامعية. بداياته مع لغة القرآن هل يمكن أن يقدم الأستاذ محمد الصالح الصديق على تأليف أكثر من مائة كتاب باللغة العربية إلا إذا كان مدفوعا من عشقه لهذه اللغة التي أحبها منذ نعومة أظافره و هو ينشأ في بيئة عائلية متمسكة بالقيم الإسلامية ؟ شرح الأستاذ الصديق بالتفصيل هذه العلاقة الوثيقة التي كانت تربطه بالعربية، مبيّنا قصته معها التي بدأت مبكرا، و هو مازال طفلا صغيرا، فقال: “لقد أحببت اللغة العربية منذ طفولتي إلى حد العشق و الهيام، و كان والدي –رحمه الله- يحدثني بالفصحى، و يشجعني على التحدث بها، و ربما كافأني على جمل أكتبها، أو أنطق بها صحيحة سليمة.” كما شجّعه معلموه و أساتذته على التحصيل اللغوي خاصة شيخه العالم الرزقي الشرفاوي العائد من مصر بعد سنوات عديدة التي أمضاها في جامع الأزهر طالبا ثم مدرّسا. في هذا المناخ الذي يسوده حب الإسلام و العربية، و اظب محمد الصالح على تعلم اللغة و علومها حتى أتقنها، ثم اقتحم مختارا التأليف بحروفها مخاطرا لا يأبه بالسلطة الاستعمارية التي كانت تحارب الحرف العربي في الجزائر، و تضايق كل من يروّج للثقافة العربية و ينشر أنوارها بين الناس. و على غير عادة الأمازيغيين الذين يميلون في أحاديثهم الخاصة إلى استعمال اللغة الأمازيغية لأسباب نفسية و وجدانية فإن الأستاذ الصديق كان يتكلم في مجلسه بالعربية الفصحى. و أشهد أنه كان دائما يحدثني في لقاءاتي معه بالعربية الفصحى رغم علمه أنني أتقن الأمازيغية؛ كما سافرت معه إلى طرابلس في شهر أفريل 2013  و كدنا لا نفترق خلال أسبوع كامل، فلم يحدثني خلاله إلا باللغة العربية الفصحى.

 

بين أوراق كتاب ” العربية لغة العلم و الحضارةلقد اختار الأستاذ محمد الصالح الصديق أن يصدر كتابه ” العربية لغة العلم و الحضارة” في دار نشر تابعة لوزارة التعليم العالي و البحث العلمي، و هي: ديوان المطبوعات الجامعية. إنه بلا شك قصد منذ البداية إرشاد الطلبة إلى حب لغة أجدادهم و الاجتهاد في تعلمها و إتقانها، و حث الأساتذة على إبراز أهمية اللغة في بناء الشخصية و تأسيس النهضة، و كذلك دعوة الباحثين إلى تفعيل البحث العلمي لتطويرها، و ترقيتها إلى مستوى التحديات الراهنة.

 

يقع هذا الكتاب في 260 صفحة، و هو مقسم إلى فصلين: الأول حول اللغة، و الثاني حول الحضارة. و هو تقسيم متساو تقريبا. فالفصل الأول يتضمن 117 صفحة، بينما يحتوي الفصل الثاني على100 صفحة.  بينما يقدر عدد المراجع التي استفاد منها المؤلف 64 كتابا و 4 مجلات، بالإضافة إلى 3 مقالات وضعها في شكل ملاحق، و هي: لمحمد البشير الإبراهيمي، و محمد المبارك و فهمي هويدي. و يختلف الاقتباس بين الإطالة و القصر حسب أهمية الموضوع و حسب الحاجة إلى توضيح مسألة أو تأكيد رأي معين. عرّف الكاتب اللغة و تتبع أصولها و وضّح خصائصها. و لم يترك شيئا مفيدا في الموضوع إلا و ذكره بإسهاب أو باختصار، فعلى سبيل المثال خصص للفواصل في اللغة العربية سبع صفحات متتالية، ذكر فيها كل ما أبدعه العقل العربي في معنى الفاصلة و وظائفها المختلفة. أما التمكن في ناصية اللغة و أسرارها فإنها تكون في نظر الأستاذ الصديق بـ ” الرياضة الفكرية و اللسانية” أي ترويض الإنسان نفسه على التفكير العميق، و الحرص على التعبير الدقيق و الدأب على الكتابة السليمة. و حرص المؤلف على إبراز ما قدمه القرآن الكريم لهذه اللغة التي أنزل بها، و أقر ببيانها المبين. و نظرا لأهمية هذا الموضوع و لمتانة العلاقة بينهما، أعاد المؤلف الحديث عن علاقة اللغة بالقرآن في الفصل الثاني. بينما تحدث عن ذلك في الفصل الأول. و الدين الإسلامي لا يعادي العلم و لم يحاربه كما حصل في أوروبا في العصور الوسطى. بل الإسلام هو دين علم و معرفة و يغذي غريزة الاكتشاف سمحت للعقل المسلم أن يبدع في كل المجالات العلمية باللغة العربية التي كانت لسان كل اختراع و اكتشاف. فتبرير العربية غير قادرة على الاستجابة مع التطور العلمي الراهن- كما نسمع عنه اليوم- لم يبنى على أساس معرفي بل تم على أساس أيديولوجي أو عرقي أو جاهلي، و الغرض منه هو التشويه و الحط منها. و الخلل يمكن في نظره ليس في اللغة العربية في حد ذاتها و إنما في عجز الإنسان العربي الذي أتخذ لسانه المبين مهجورا. (99).

 

يغذي الأستاذ الصديق نصوصه أيضا بأحاديث نبوية شريفة، و جواهر الأدب العربي نثرا و شعرا، و درر الأدب الغربي نثرا و شعرا، ليدعم في كل مرة فكرة أو رأي، بل يؤكد مرارا في مفردات و جمل آراءه بشكل قطعي، مثل هذه العبارات: ”و الحقيقة الثابتة التي لا تحتاج إلى مناقشة أو محاورة أو مناظرة”، ” إنه من القضايا البديهية”، ” كما أنه من القضايا المسلمة”. و كثيرا ما استنجد المؤلف بذكرياته و تجاربه الشخصية في سياق الاستدلال و الاستلهام، ففي حديثه عن إسهامات العرب في مجال الهندسة، نقل المؤلف على سبيل المثال انطباعاته من زياراته لمتحف في موسكو عرضت فيه انجازات المسلمين في الرياضيات.

 

لقد عرض الأستاذ محمد الصالح الصديق أفكاره و معلوماته بلغة سليمة جميلة كعادته، مستفيدا من آيات قرآنية و أحاديث نبوية و حكم و أشعار بالإضافة إلى قصص طريفة من وحي المطالعة أو من تجاربه في الحياة. لا شك أن القارئ يشعر و هو يقرأ هذا الكتاب النفيس أن الكاتب مشفق عليه فيقدم له أكبر قدر من المعلومات حول الموضوع حتى لا يظمأ بعده، و لا يرهق من أجل الظفر بالمعلومة التي ربما لا يجدها رغم بذل جهده و إصراره في البحث على الوصول إليها. لا يكتف كاتبنا بإرشاد القارئ بالمداومة على المطالعة، بل يحثه على التأليف رغم صعوبة نيل درجتها العليا التي تستدعي استعدادات و قدرات. فهو يرى أن الكاتب أو الشاعر هو هبة من الله الذي يرزق الإنسان مواهب و مؤهلات التي تكبر باستمرار إذا واظب صاحبها على القراءة النافعة و الكتابة دون ملل و التفكير السليم. و ثمة نقطة هامة ينبغي الالتفات إليها و هي غياب الرأي المعادي للغة العربية في هذا الكتاب، كأنصار العامية أو الفرانكفونية. إنها قضية مقدسة عند الشيخ الصديق و غيره من رجال الحركة الوطنية و الإصلاح الذين كانوا صارمين في هذه المسألة لأنها كانت جزء من المقومات التي إذا تساهل فيها المرء أصيبت الأمة في عمقها، و استسلمت للغزو الاستعماري في مجالاته المختلفة، و خاصة مجاله الثقافي. و يخطئ من يعتقد أن النهضة تتحقق عن طريق إهمال لغة الأم و استبدالها باللغة الوافدة؛ فالعلاقة التي تربط بين اللسان و حركة الإنسان في طريق التحضر يجب أن تكون دائما وثيقة.

 

هل كان الشيخ الصديق متطرفا في الدفاع عن العربية؟ لا شك أن العربية تعتبر في نظر المؤلف ” أفضل اللغات و أشرفها على الإطلاق” غير أن عشقه لهذه اللغة لا يعني أبدا أنه متعصب لها تعصبا أعمى. ربما يكفي أن استشهد هنا بقصة ذكرها هو بنفسه في كتاب “العربية لغة العلم و الحضارة” يدعو فيها غيره إلى مخاطبة الناس على قدر عقولهم، فقال: ”و أذكر هنا أن لي صديقا درسنا معا في جامع الزيتونة، و جمعتنا ثورتنا التحريرية في الميدانين: العسكري و السياسي. و كانت عروة المودة بيننا وثيقة، و لكني أنكر عليه سلوكا، ربما تكدر الصفو بيننا بسببه، ذلك أنه يقف أمام متجر للمواد الغذائية، أو أمام بقال فيحدثه بالعربية الفصحى، و أحيانا يبالغ في تقعره فيجمع له ألفاظا من قاموس الجاهلية، فيخاطبه بها، مما يثير حفيظة صاحب المتجر فيعرض عنه لا يبيع له. و كنت أعاتبه على ذلك، و أحيانا أؤنبه، و أقول له: ” خاطب الناس بما يفهمون”. و لكنه اعتاد ذلك فلم يكن عتابي يجديه نفعا.”  و ما هو موقفه من دراسة اللغات الأخرى؟ إنه يقول في هذا الكتاب أنه من أنصار تعلم اللغات الأجنبية لأن ذلك لا يتعارض مع تعلم المرء للغته الأم، بل تساعده على نشر ثقافته و اكتشاف عوالم جديدة: ” إجادة المرء للغته الوطنية أمر ضروري، إذ لا يتحقق وجوده المعنوي إلا بها، و هو بها فرد واحد، و لكنه إذا تعلم لغة أخرى و أضافها إلى لغته فإنه يصبح بها شخصين اثنين!” و تأسف الأستاذ الصديق على عدم تعلمه اللغات الأجنبية، فقال: ” و ما اجتمعت بأجنبي يبحث عن حقيقة الإسلام و حاورني فيه بواسطة مترجم إلا أدركت ضرورة تعلم ما أمكن من اللغات الأجنبية.” و لا بأس أن أختم هذه الفكرة بسرد قصة طريفة وقعت للمؤلف تؤكد مرة أخرى كلامه السابق و تدعمه، كما تشرح خلفيات قناعته بضرورة تعلم لغات أجنبية خاصة بالنسبة للعلماء و الدعاة: ” إنني ذات يوم كنت أتحدث بواسطة مترجم إلى صحافي فرنسي عن الإسلام، و كنت أقدم له صورا رائعة عن مواقف بعض الصحابة، و لكنه كان لا يتأثر و لا يبدي أي حراك. و في جلسة ثانية تغيّر المترجم، فتغير الصحافي فكان يطرب لصور و مواقف دون التي كنت أقدمها له في الجلسة الأولى، فأدركت إذ ذاك أن العلة في المترجم، و أن أفضل السبل أن يتعلم المرء ما أمكن من اللغات الأجنبية.” 

 

و بهذا فإني أقول في النهاية أن الشيخ الصديق المغرم بلغة القرآن، قد استطاع أن يغرس حب العربية في قلوب القراء الذين كانوا يسافرون معه في رحلة ممتعة عبر الأوراق المصفوفة و الكلمات العذبة و المشاهد الجميلة. نعم لقد نجح في ذلك لأنه يتمثل دائما القارئ شخصا مألوفا جالسا بجنبه، و ليس إنسانا مجهولا يعيش بعيدا عن الأنظار، و غريبا لا يفقه شيئا في لغة الحروف و سيمفونية الأفكار.

الرابط:

http://www.binbadis.net/selections/scientists-algeria/684-oulama.html

 

قراءة 1905 مرات آخر تعديل على الأحد, 07 كانون1/ديسمبر 2014 13:07

أضف تعليق


كود امني
تحديث