قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 08 شباط/فبراير 2014 13:57

نظرة الإسلام إلى الكون

كتبه  الدكتور راغب السرجاني
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لا بُدَّ قبل الحديث عن اهتمام و رعاية الإسلام لأمر الكون و موارده، أن نُلْقِيَ الضوء على الأساس النظري المتمثِّل في الرؤية الإسلامية لهذا الكون؛ فنعرض في المقالات التالية لفكرة الإسلام عن الكون في شكلها العامِّ، و ماهية صورة الكون و عناصره التي تستقرُّ في وجدان المسلم بأثرٍ من إيمانه بهذا الدين، و الأساسيات و القواعد التي تُنَظِّم و تُسَيِّر علاقة المسلم مع الكون من حوله؛ و ذلك من خلال النقطتين التاليتين:

الكون في وجدان المسلم
يستمدُّ المسلم من القرآن الكريم و من السُّنَّة النبوية الرؤى و الأفكار الأساسية التي تُعَرِّفه بنفسه و بما حوله و بمهمته في هذه الأرض، و كذلك تُعَرِّفه بمصيره بعد الموت و انتهاء هذه الحياة، و المسلم مُطالبٌ بمقتضى إسلامه أن يؤمن بكل ما ورد في القرآن الكريم و في صحيح السُّنَّة النبوية، و أن يستلهم منهما الرؤى و القناعات التي تنطلق منها، و تنبني عليها الأعمال و التعاملات.

و إذا تتبَّعنا آيات القرآن و أحاديث النبي –صلى الله عليه و سلم- في كيفية تعريف المسلم بالطبيعة و بهذا الكون الذي حوله، و ما يزخر به من هواء و ماء و نبات و حيوان و جماد، سنجد أن العقل المسلم يرى الكون من حوله على أنه:

أولاً: خَلْقُ الله:
فكلُّ هذا الكون الواسع البديع هو من صنع الله تبارك و تعالى، فالله سبحانه الذي خلق الإنسان نفسه و سوَّاه و نفخ فيه من رُوحه، فالإنسان و ما حوله صدر عن الإله الواحد الأحد، يقول عز وجل: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَ الْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَ مَنَافِعُ وَ مِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل: 3-5]، و كلُّ ما في السموات و ما في الأرض و ما بينهما، بل و ما تحت الأرض هو ملك لله وحده، قال سبحانه: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَا فِي الْأَرْضِ وَ مَا بَيْنَهُمَا وَ مَا تَحْتَ الثَّرَى} [طه: 6].

و لذا يقف المسلم من الطبيعة «موقف التعرُّف و الصداقة، لا موقف التخوُّف و العداء؛ ذلك أن قوة الإنسان و قوة الطبيعة صادرتان عن إرادة الله و مشيئته، محكومتان بإرادة الله و مشيئته، متناسقتان متعاونتان في الحركة و الاتجاه. إن عقيدة المسلم توحي إليه أن الله ربَّه قد خلق هذه القوى كلها لتكون له صديقًا مساعدًا متعاونًا، و أن سبيله إلى كسب هذه الصداقة أن يتأمَّل فيها، و يتعرَّف إليها، و يتعاون و إياها، و يَتَّجِهَ معها إلى الله ربه و ربها» (1).

و ذلك الكون الفسيح فوق كونه صادرًا عن الإله الواحد، و يشترك مع الإنسان في أصل الخلق، فإنه يشترك مع المسلم في عبادته لهذا الإله؛ فكل ما في السموات و الأرض خاضع لله طائع له، قال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَ هِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11]، و كل تلك الأرجاء و الأنحاء و المخلوقات تسجد لله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبَالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَ مَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18]، كما أن تلك السموات العالية و هذه الأرض المنبسطة، و كل ما يحتويانه من كائنات و مخلوقات، جميعها تُسَبِّح لله تبارك و تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: 44].

بهذه الرؤية يُصبح الكون في وجدان المسلم صديقًا أنيسًا، يتجهان معًا بالخضوع و الخشوع و الطاعة إلى الله الواحد عز وجل.

ثانيًا: أمم أمثالكم:
و يعرف المسلم تلك الكائنات التي حوله على أنها أمم أخرى مثل أُمَّة البشر، فهذه الدواب على الأرض، و تلك الطيور التي تسبح في السماء، هي عوالم أخرى ما أشدها شبهًا بعالم البشر! قال –سبحانه: {وَ مَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: 38]. يقول الإمام ابن القيم (2): «و هذا يتضمَّن أنها أمم أمثالنا في الخلق و الرزق و الأكل و التقدير الأول، و أنها لم تُخْلَقْ سدًى، بل هي مُعَبَّدة مذلَّلَة، قد قُدِّرَ خَلْقُها و أجلها و رزقها، و ما تصير إليه» (3). و قال القرطبي (4) في تفسيره: «أي هم جماعات مثلكم في أن الله عز و جل خلقهم، و تكفَّل بأرزاقهم، و عدل عليهم، فلا ينبغي أن تظلموهم، و لا تُجَاوِزُوا فيهم ما أُمِرتم به» (5).

و ذلك «من أجمل ما جاء به الإسلام في علاقة الإنسان بالطبيعة و بالكون عامَّة من حوله: إنشاء عاطفة الودِّ و الحب لما حول الإنسان من كائنات جامدة أو حية؛ فالأحياء من الدوابِّ و الطيور يراها المسلم أممًا أمثالنا» (6).

ثالثًا: كلُّ شيء خلقناه بقدر:
إن هذا الكون و ما فيه من مخلوقات كثيرة و عجيبة هو دليل ساطع و قاطع على قدرة الله الذي خلق و أبدع، و بهذا الدليل حاجَّ الله عز و جل المشركين و الملحدين؛ فقال: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [لقمان: 11]، و فوق هذه الكثرة و التنوُّع ذلك التوازن الدقيق، الذي انتظمت فيه هذه العوالم الكثيرة من الكائنات، لقد أخبر –سبحانه- أن هذا الخَلْقَ العظيم مخلوق بعناية و بقدر: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49].

و من معاني القَدَر في الآية المقدار في ذاته و صفاته، كما قال أبو حيان (7) في تفسيره (8)؛ أي أن كلَّ شيء خلقه الله سبحانه محسوب مقداره في النوع و في الخصائص؛ فعالَم النبات عالَمٌ موزون {وَ الْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَ أَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} [الحجر: 19]، و كذلك عالم الحيوان خلقه الله و أبدعه، ثم قَدَّر لكل نوعٍ طرائق معيشته و سُبل ارتزاقه، قال الله عز وجل على لسان موسى عليه السلام: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50]، قال الحسن (9) وقتادة (10): أعطى كل شي صلاحه، و هداه لما يُصلحه (11).

وإن الله تعالى هو: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَ الَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى: 2، 3]. قال الألوسي (12): أي جعل الأشياء على مقادير مخصوصة في أجناسها و أنواعها، و أفرادها و صفاتها، و أفعالها و آجالها، فهدى فَوَجَّه كل واحد منها إلى ما يصدر عنه و ينبغي له طبعًا أو اختيارًا، و يسَّره لما خُلِقَ له؛ بخلق الميول و الإلهامات، و نصب الدلائل و إنزال الآيات، فلو تَتَبَّعْتَ أحوال النباتات و الحيوانات، لرأيت في كل منها ما تحار فيه العقول، و تضيق عنه دفاتر النقول، و أما فنون هداياته سبحانه للإنسان على الخصوص ففوق ذلك بمراحل، و أبعد منه ثم أبعد و أبعد بألوف من المنازل، و هيهات أن يُحِيطَ بها فلك العبارة و التحرير، و لا يكاد يعلمها إلا اللطيف الخبير (13).

إنا كل شيء خلقناه بقدر

رابعًا: سخر لكم ما في السموات و ما في الأرض:
و إنه –كذلك- كون مُسَخَّر لخدمة الإنسان، الإنسان الذي كَرَّمَه الله عز وجل: {وَ لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَ حَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَ فَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70]، و بهذه النعمة و هذا التكريم امتنَّ الله سبحانه على عباده، و قال لهم: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَا فِي الْأَرْضِ وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَ بَاطِنَةً وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لَا هُدًى وَ لَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [لقمان: 20]، و قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحج: 65].

فعالم الحيوان مسخَّرٌ: {وَ الْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَ مَنَافِعُ وَ مِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَ لَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَ حِينَ تَسْرَحُونَ * وَ تَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَ الْخَيْلَ وَ الْبِغَالَ وَ الْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَ زِينَةً وَ يَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 5-8].
و عالم النبات كذلك: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَ مِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَ الزَّيْتُونَ وَ النَّخِيلَ وَ الْأَعْنَابَ وَ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 10، 11].

و كذلك عالم البحار: {وَ هُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَ تَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَ تَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 14].

كل هذه العوالم من المخلوقات سخَّرها الله سبحانه للإنسان، إن «هذه النظرة إلى الكون لها أهميتها في نفس الإنسان و فكره و وجدانه؛ فالكون ليس إلهًا يُرجى و يُخشى، كما تُصَوِّره بعض الديانات التي تُؤَلِّهه، أو تُؤَلِّه أجزاءً منه... و الكون ليس عدوًا للإنسان يريد أن (يقهره)، كما يُعَبِّر الغربيون عادة عن (قهر الطبيعة)، بل هو مخلوق مسخَّر للإنسان، و لخدمة الإنسان و منفعة الإنسان» (14).

إنه ليبدو شيئًا في غاية العسر إذا نزع الله هذا التسخير من الكون، و أصبحت لكل الكائنات إرادات حرَّة، تستطيع بها أن تعاكس إرادة الإنسان لو أرادت، أو على الأقلِّ إذا أصبح الإنسان لا يستطيع استعمال شيء إلا إذا توصَّل معه إلى توافق و اتفاق؛ تُرَى كيف يُصبح الحال لو أن الأرض عَنَّ لها ألا تكون مهادًا، و أن تكون صخورًا أو جبالاً أو قطعًا من الجزر المنتثرة؟! أو إذا خطر للسماء أن تمطر حينًا، و ترسل شهبًا حينًا، و تُنْزل الصواعق حينًا؟! كيف يُصبح الحال لو تمرَّدَت الخيل و البغال و الحمير، و السفن و القطارات و الطائرات، فلم تسمح للإنسان باستعمالها؟!

تلك نعمة نادرًا ما تجد مَنْ يشعر بها و يُقَدِّرها، و يشكر الله عليها؛ {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [القصص: 71، 72].

خامسًا: مستقر و متاع إلى حين:
و أخيرًا، فإن هذا الكون -في التعريف الإسلامي- مستقرٌّ للإنسان و متاع له، حتى وقت محدَّد، قال -سبحانه: {وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: 36]. يقول الشيخ رشيد رضا: «في الكلام فائدتان؛ إحداهما: أن الأرض ممهَّدة و مهيَّأة للمعيشة فيها و التمتُّع بها، و الثانية: أن طبيعة الحياة فيها تُنافي الخلود و الدوام» (15).

في تلك الآية عرَّف الله الأرض للمسلم بثلاثة أشياء:
1- (المستقر): و هو موضع الاستقرار (16).
2- (و المتاع): و هو كل ما استُمتع به من شيء، من معاش استُمتع به أو رِياش (17) أو زينة أو لذَّة، أو غير ذلك (18).
3- (إلى حين): أي إلى انتهاء الأجل أو انتهاء الحياة الدنيا.

و من هذه الخصائص الثلاثة للأرض يرتبط الإنسان معها بشعور الحبِّ و الاطمئنان كمستقَرٍّ، و ينتفع منها بالمصلحة و باللَّذة كموضع للمتاع، ثم هو إذ يتعامل معها يُدْرِكُ أنها دارُ ممرٍّ، و فترةٌ ما تلبث أن تنتهي، بما يجعله مُلْزَمًا بتقوى الله فيها؛ لأنه بعد حين مسئول عنها أمام الله سبحانه.

و بالجملة «فالإسلام يعقد صداقةً قويةً بين الكون و الإنسان، صداقة الأخوَّة في الصدور عن الله عز وجل و قد كشف العلم الحديث عن وَحدة البناء في الكون والحياة و الإنسان- و صداقة العبادة المشتركة و التسبيح المشترك لله سبحانه، و صداقة الإحساس بتسخير الكون لمنفعة الإنسان. و يوقع نغمة الحب للكائنات الحية التي تشارك الإنسان سكنى الأرض» (19).

هذا هو التصور الكامن في وجدان المسلم للكون:
1) أنه من خلق الله.
2) و أن تلك العوالم من حوله أمم أخرى مثل عالم الإنسان.
3) و أنه دليل وصورة لقدرة الله الذي خلق كل شيء بقدر.
4) و أنه مخلوق له، و مسخَّر لمنفعته.
5) و أنه مستقرٌّ و متاع إلى حين.

المصدر:

http://islamstory.com/ar/%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%86

قراءة 4621 مرات آخر تعديل على الإثنين, 06 تموز/يوليو 2015 09:04

أضف تعليق


كود امني
تحديث