قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 17 كانون1/ديسمبر 2014 08:35

القدرة والإرادة كشريعة وحقيقة

كتبه  الأستاذ جودت سعيد
قيم الموضوع
(0 أصوات)

و المقصود من هذا العنوان بيان كل من القدرة و الإرادة عند المتصوف و الفقيه، فالصوفية يسمون أنفسهم بأصحاب الإرادات، و يسمون تلميذ المتصوف بالمريد، و يعتبرون أنفسهم بأنهم بأصحاب الحقيقة. كما أنهم يرون إمكان وصول الأمي و العامي إلى درجات عالية في الإرادات، و هو نموذج من التطبيقات على ما ذكرنا سابقاً من أن الإرادة قد ترتفع إلى درجة عالية عند العوام و الأطفال ذكوراً و إناثاً بحيث يبلغون أقصى درجات الإرادة، و ذلك ببذل النفس و المال. بينما لا يمنك أن يصل إلى القدرات إلا بجهود، لا تتيسر للعوام و الأطفال. و كذلك أمر التصوف و الفقه، فالمتصوف يمكن أن يقطع المراحل قفزاً و يصل، و يسمونه (الواصل). أما الفقيه فلا يمكن أن يصل إلا بالدرس و الجد سنين طويلة. و قد يرمي المتصوف بأنه متعلق بالرسوم، و بأن الفقهاء محجوبون. و ليس هذا موضع بحثه الآن، و لا يهم ما بين المتصوف و الفقيه من خصام و وئام، و لا أن المتصوف قد يغرق في الإرادة و لا يعود يفرق بين الإرادة الشرعية و الكونية، فيرى الكون كله مراداً لله و منها المعاصي حيث يرى المعصية طاعة لله … و هذا الاختلاط بين الإرادة الكونية و الشرعية شائع مشوش، و إن لم يصل عند الكل ما وصله عند الحلولية من المتصوفة. الإرادة الكونية هي إرادة الله في أن جعل الإنسان قادراً على فعل الطاعة و المعصية، فإذا فعل طاعة يكون قد عملها بإرادة الله الكونية، أي بأقدار الله له على ذلك، و إن فعل المعصية فكذلك … أما الإرادة الشرعية فهي إرادة الحلال و الحرام (الواجب و المحظور). فإذا استخدم الإنسان إرادة الله الكونية في الطاعة فقد رضي الله عنه، و إن استخدمها في المعصية سخط الله عليه … مثال ذلك شراء المصحف أو شراء الخمر، و لكن أن تجعل الخمر حلالاً كالمصحف لأن الله أراد قدرتك على هذا و هذا، فهنا مصدر الخطأ الذي يقع فيه الحلولي، و مصدر التشويش الذي يقع فيه المسلم الطيب عادة حين يرى أن المعاصي من قدر الله … و يمكن أن نرى الكوني و الشرعي في قوله تعالى: ﴿ألا له الخلق و الأمر﴾ (سورة الأعراف: الآية 54) فالله خلق المؤمن و الكافر.. و لكن الله لا يأمر بالكفر، و إنما يأمر بالطاعة:

﴿و إذا فعلوا فاحشة قالوا: وجدنا عليها آباءنا و الله أمرنا بها. قل إن الله لا يأمر بالفحشاء، أتقولون على الله ما لا تعلمون﴾ (سورة الأعراف: الآية 28).

كما أن (الخلق) يتجه إلى الكوني، و (الأمر) يتجه إلى الشرعي. إلا أنه قد تأتي الكلمة الواحدة يراد بها الكوني أحياناً و الشرعي أحياناً. فقوله تعالى:

﴿حرمت عليكم الميتة﴾ (سورة المائدة: الآية 3): أمر شرعي. و لكن قوله: ﴿و حرمنا عليه المراضع﴾ (سورة القصص: الآية: 12): أمر كوني.. كذلك قوله تعالى: ﴿أمر ألا تعبدوا إلا إياه﴾ (سورة يوسف: الآية 40): أمر شرعي …

و يمكن الإشارة - و نحن نبحث موضوع المتصوف و الفقيه - إلى جانب آخر، و هو أن التخلف حينما أصاب العالم الإسلامي، ظهر عند المتصوف (في شطحاته)، و ظهر عند الفقيه (في جموده)؛ فكان المتصوف من قبل يملك المرونة بحسب الجانب الإرادي حيث تغلب عليه المقاصد، أي كان مرناً في الجانب الفقهي. و كان الفقيه ملتزماً للقواعد بشكل ظاهر في بيان الحلال و الحرام … و لكن التخلف حينما أصاب كلاً من المتصوف و الفقيه، شطح المتصوف فلم تعد له كوابح، و جمد الفقيه فلم يعد يستطيع حركة و لا اجتهاداً. و جانب ثالث، هو أن المتصوف يغلب عليه جانب العبادة، بينما الفقيه يغلب عليه جانب العلم و ربما المنطق و الفلسفة و الحدود … يقول ابن تيمية في هذا في عدة مواطن من الفتاوى: (إن فسد من عبادنا فيهم شبه بالنصارى، و من فسد من علمائنا فيهم شبه باليهود..) لأن النصارى ضالون ففسادهم في القدرات أكثر لأنهم يخالفون عن جهل.. و اليهود مغضوب عليهم ففسادهم في الإرادات أكثر أي فساد النيات عندهم أكثر لأنهم يخالفون عن علم.

4 - موقف أهل الدين و السياسة من نقص القدرة والإرادة:

ذكرنا فيما سبق أن ركني العمل هما القدرة و الإرادة، و أن النقص قد يكون في كليهما أو في أحدهما … و أن النقص في حضارة عالم الإسلام اليوم إنما هو في جانب القدرات، و لكننا ذلك نرى الناس يتجهون إلى إبراز أهمية الإرادات و يحاولون تلافي النقص فيها - و كان الأحرى بهم أن يتجهوا إلى تلافي النقص في القدرات - فيتجه أهل الدين إلى علم الكلام، و يتجه أهل السياسة إلى مصادر جديدة للإرادات.

أما في موطن الاختلاف، فكل من أهل الدين و السياسة يتجه إلى الإدانة في نقص الإرادات أو عدم وجودها ول ا يتجهون إلى الإدانة في نقص القدرات: فيتجه أهل الدين إلى التزمت و رمي كل من يخالفهم بالزندقة و المروق عن الدين، و يسارعون إلى الاتهام بالكفر، فينشأ عن ذلك تكفير بعضهم بعضاً، كما ينمو التشكك في الإخلاص و الإرادات. و كان منشأ محاكم التفتيش من مثل هذا الاتجاه.

و في العالم الإسلامي يبرز هذا النقص في التوجس خيفةً من كل محاولة لكسب القدرات، أو وصف محاولة استخدام القدرات بأنها قنطرة اللادينية، أو أنها أخطر بدعة تهدد الشريعة و الدين. و يكون التنابز بألقاب الكفر بضاعة لمتخاصمين، و يتوجه الشك مباشرة إلى الإيمان، فيخشى على إيمان الذين يسعون لاكتساب القدرات. و يمكن أن يلاحظ ذلك - بسهولة - كل من راجع سجل الأفكار في العالم الإسلامي …

أما في مجال السياسة، فنجد الحالة نفسها … فنراهم لا يدين بعضهم بعضاً في القدرات، بل يتجهون مباشرة بكل عفوية إلى الإدانة في النيات و الإرادات، في صورة الاتهام بالخيانة و العمالة؛ فكل من يخالفهم خائن و عميل. و ما أسهل توزيع هذه الألقاب على بعضهم في أدنى خلاف ينشب بينهم، و لست بحاجة إلى ذكر أمثلة، إذ عليها نصبح و عليها نمسي … فوسائل الإعلام التي تضخمت في هذا العصر عالمياً تطفح بمثل هذا الاتجاه و لا يكون الاتهام في مثل هذه الظروف الحضارية - عادة - بنقص القدرات أو بنقص العلم، و باحتمال الخطأ في الفهم إذ (كل ابن آدم خطاء) بل يتوجه مباشرة إلى النيات و إدانة المقاصد و الإرادات. و لعل السبب في هذا هو استخدام البضاعة المتوفرة و هي الإرادات حيث يغيب العلم، فلا يستخدمونه في بحث القضايا، بل يستخدمون الإخلاص فيكون الطعن في إخلاص المخالف، لا في إظهار خطئه و جهله.

و هذا الأسلوب هو أسلوب السهولة في الإدانة، لأن الإدانة في القدرات (في العلم و في الفهم)، تحتاج إلى جهد عقلي و إلى إبراز الأدلة.. أما الإدانة بالكفر أو الخيانة، فلا تحتاج إلا لمجرد الكلام …

هذا هو الواقع في مجتمع فقدت فيه الأفكار قيمتها الذاتية. و إن لهذا الأسلوب في الإدانة سيئات كثيرة من أبرزها: أن الإدانة تكون مؤلمة أكثر عندما يعرف المتهمُ في نفسه الإخلاص، بل أنه صادق في إخلاصه، سواء كان من أهل الدين أو من أهل السياسة. فالأول يحب الله و رسوله و يخلص لهما، و مستعد لتقديم كل شيء في سبيل الله. و الثاني يعرف في نفسه إخلاصه لأمته و بلده، و لا يخطر في باله أن يخون أمته أو يبيعها. فإذا ما اتهم بهذه التهمة أهل الدين أو أهل السياسة، تكون الجراحات مؤلمة مأساوية.. و كم تكون الصدمة شديدة حين يكشفون سوء ظن الآخرين بهم أو اتهامهم مباشرة … حتى إن هذا الاتجاه يظهر في التجمعات الصغيرة، فيكون همها كشف ذي الوجهين، و لا يكون همهم في رفع مستوى إدراك الذين يلوذون بهم، لهذا تحدث الانشقاقات و الحرمانات، و الطرد، و تحريم المطالعات غير المقررة، و فرض الرقابات الشديدة على مصادر المعرفة في المدارس الدينية و العقائدية، و يبذلون في ذلك كل جهد و وسيلة مشروعة أو غير مشروعة. و من يراجع أساليب محاكم التفتيش في تنسم الاتهامات لأدنى الملابسات، يعرف كيف أن النقص في القدرات يؤدي إلى دمار المجتمعات.

و من سيئات الإدانة في الإرادة (الإخلاص) هو أن أصحابها يعوّلون فقط على المخلصين لهم دون النظر و التأكد من كفاءاتهم في أداء الواجب … فتنحط نتائج الأعمال و تتعرقل الأمور، و تنعقد السبل، و لا ينتج عن ذلك تنافس في تحصيل القدرات، بل التنافس في التقرب و التزلف قدر الإمكان مما يزيد الطين بلة. و هذا الأسلوب في الإدانة لا يحل المشكلة، لأنه لا يعالج أسبابها، بل يزيد المشكلة تعقيداً.

ثم إن الاتهام بنقص القدرات ليس مؤلماً كالاتهام بنقص الإرادات، إذ يمكن للمرء أن يعترف بنقص القدرات دون شعور بوخز في الضمير، و دون شعور بالإثم و بآلام مخاض ولادة جديدة.

قد يسهل علينا الآن الاعتراف بنقص قدراتنا المادية - الشيئية - و كذلك حين ندخل مستوى القدرات الفهمية، سيسهل علينا الاعتراف بنقص قدراتنا الفهمية، كما هو شأن أهل العلم و الفهم، إذ أن أقدر الناس على الاعتراف بالنقص في العلم أهل العلم. و لا يزال الإنسان يسعى لكتم جهله حتى يدخل باب العلم، فإذا دخل دار العلم لم يعد يقلقه أن يظهر جهله … و هذا ما حمل ابن تيمية على أن يسطّر في وقت مبكر عن عصرنا هذه الملاحظة التي لها أهميتها الخاصة لأن كل الذين ينظرون و يدققون النظر في آيات الله في الآفاق و الأنفس يلاحظون هذه الظواهر. قال رحمه الله في وصف هذه الظاهرة:

(فمن عيوب أهل البدع تكفير بعضهم بعضاً، و من ممادح أهل العلم أنهم يخطئون و لا يكفرون)(1).

فهذه إشارات خفيفة إلى مشكلات كبيرة نعانيها، فهي لا تنتظر أصحاب الإشارات الخفيفة، و إنما أصحاب قدرات علمية فهمية و ليست مادية شيئية، و ذلك لتطهير مجتمعنا من المشكلات. و هذا واجبكم أيها الشباب المؤمن، و قد أنعم الله عليكم بنعمة الصحة و الفراغ …

﴿و لتعلمن نبأه بعد حين﴾ (سورة ص - الآية: 88).

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

مجلوبة من "http://jawdatsaid.net/index.php?title=القدرة_والإرادة_كشريعة_وحقيقة&oldid=1237"
قراءة 1289 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 11 آب/أغسطس 2015 18:48

أضف تعليق


كود امني
تحديث