لا يمكن لأي منا مهما كان دينه أو مستواه الفكري و الثقافية إنكار أهمية القراءة في حياة الإنسان و دورها في إخراجه من الظلمات إلى النور و تطور الامم و الشعوب. أول آية في القرآن حثت على القراءة قال الأصمعي لرجل: ألا أدلك على بستان تكون منه في أكمل روضة، و ميت يخبرك عن المتقدمين، و يذكرك إذا نسيت، و يؤنسك إذا استوحشت، و يكف عنك إذا سئمت؟ قال: نعم قال: عليك بالكتاب، فلا يخلو كتاب من فائدة تنفع من يعمل بها أو تحذر من أمر ما كما إنها تعد خير و أجمل جليس و أحسنه و أكرمه و أنفعه للفرد و للمجتمع، قال أحد العقلاء : صحبة الناس فملوني و مللتهم, و صحبت الكتاب فما مللته و لا ملني. و هذا يذكرنا بقول الشاعر:
و خير جليس في الزمان كتاب *** تسلو به إن خانك الأصحاب
و قال أخر :
أعز مكان في الدنيا سرج سابح *** و خير جليس في الأنام كتاب
و ليست العبرة باقتناء الكتب في المكتبات و تصفيفها في الأدراج, و لكن العبرة بالفهم و المطالعة فيها معرفة محتواها من فوائد علمية و اجتماعية و ثقافية و شرعية و مما تحتويه هذه الكتب من شتى المجالات التي تخدم الإنسان في حياته العلمية و العملية. مع الأسف أهمل الآباء دور الكتاب و أهميته في حياة أبنائهم، فاهتموا بتسلية الأبناء و ترفيههم و إلباسهم احدث الملابس و شراء احدث الألعاب التي تنمي النزعة العدوانية لديهم و تبعدهم عن حب المطالعة و مصاحبة الكتب و إهمال القراءة و الاطلاع، فالأسرة هي المحرك الأساسي و الدافع لغرس حب القراءة و تقديسها في نفوس الأبناء منذ الصغر، مع الأسف إن فاقد الشيء لا يعطيه فكثير من البيوت لا يوجد بها كتاب واحد و ليس في أولويات هذه الأسرة اقتناء الكتب بينما كثير من المنازل (الأسرة) تجد العاب الأطفال (بليستيشن) بمختلف أنواعها و الالعاب بجميع الألوان و الأشكال مدعين بأن الطفل يجب أن يتمتع بحياته و بطفولته، بينما نعلم و تعلمنا منذ صغرنا و حفظنا المثل القائل \" العلم في الصغر كالنقش في الحجر\" فعجبي لهؤلاء الآباء من إهمالهم لأبنائهم فلذات أكبادهم و حرمانهم من لذة القراءة و متعت التعلم و مصاحبة الكتب، إننا أطرح قضية حيوية و مهمة في آن واحد هي عند من يدرك نتائجها و عواقبها الخطيرة، قضية تدعو إلى الدراسة، و تستحق التأمل و البحث بجدية بل هي بحاجة إلى تكاتف كل الجهود، لإيجاد الحلول الناجعة لها، و العودة بها إلى عهدها الزاهر، و هنا نتسائل عن الدافع وراء تراجع و اهمال اقتناء الكتب من قبل المواطن البحريني هل السبب في ذلك المستوى الاقتصادي للأسرة ؟ أم المستوى الفكري و الثقافي للأسرة هو الركيزة الاساسية في ميول افراد الاسرة للاقبال على الكتب و اقتنائها و السعي الى النهم مما فيها من معلومات و ثقافة عامة. لا يختلف اثنان بان المواطن البحريني و الخليجي بشكل عام ينفق الكثير على الكماليات و الامور الغير اساسية في الحياة اليومية فالمرأة تنفق الاموال من اجل اقتناء احدث الاكسسوارات و غيرها من الملابس الحديثة، كذلك تنفق الاسرة مبالغ كبيرة على احدث الاجهزة على سبيل المثال منها (الهاتف النقال) و السيارات التي لا يوجد منزل لا توجد فيه سيارة حديث، في المقابل لا يتجاوز سعر افضل الكتب و انفعها بضع من الدنانير و اغلب الكتب لا تتراوج اسعارها حفنة من الدنانير التي لا تتجاوز سعر وجبة عشاء لشخص واحد، أما الاسرة ذات المستوى الفكري و التي تولي التعليم و التعلم جزء مهم في حياتها اليومية و تحرص على أن يظل ابناءها ذات صلة وطيدة مع الكتب و مجالستها في اغلب الاوقات، على اقل تقدير توجد لدى هذه الاسر مكتبات يلجا اليها الابناء و أفراد الاسرة من وقت الى اخر. إذاً فلنتفق على إن للأسرة دور كبير في تقدم المجتمع في شتى المجالات في مدرسة الاجيال الاولى، و لابد من البدء في إعادة إحياء القراءة في منازلنا و مجتمعاتنا العربية، فإنه من الأولى أن نبدأ من الأسرة التي هي نواة المجتمع فدور الأهل في جعل أبنائهم يحبون القراءة و إرشادهم إلى فوائد و متعة القراءة دور مهم و اساسي جداً لننتج جيل متعلم مثقف و لا سبيل للعلم و الثقافة الا من خلال الكتب بما تحتويه من شتى العلوم و الثقافة في مختلف المجالات.
|
http://saaid.net/tarbiah/212.htm