قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 26 تشرين2/نوفمبر 2014 08:51

من مواقف الشهود الحضاري للأنصار

كتبه  الدكتور محفوظ ولد خيري
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الأنصار هم قبائل الأوس و الخزرج ابني حارثة بن ثعلبة، و هما قبيلتان قحطانيتان، جاءتا من مملكة سبأ في اليمن على إثر خراب سد مأرب، و بعد مجيء رسالة الإسلام كانا أول عشيرة آمنت بها و صدقتها، فهاجر إليهم النبي صلى الله عليه و سلم و توحدت كلمتهم و أصبحوا جميعا يعرفون باسم الأنصار، قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:

سماهم الله أنصاراً بنصرهم     دين الهدى و عوان الحرب تستعر

و لعل المجتمعات الإنسانية لم تشهد مجتمعا في عراقة و نبل و كريم خصال مجتمع أنصار النبي صلى الله عليه و سلم و رضي عنهم، أولئكم البررة الذين كانوا أول حصن احتضن هذا الدين و ناكف و دافع عن حماه، و هيأ البيئة المناسبة التي بنيت عليها دولة الإسلام فكانت بنيانا سامقا أصله ثابت و فرعه في السماء، آتى أكله ناشرا حضارة إلهية أنقذت البشرية من ضلال و جهل و اصطراع كانت تصطخب فيه .

و لا جرم أن صحابة النبي صلى الله عليه و سلم كانوا يتحلون جميعهم بصفات نادرة جعلتهم مؤهلين للاختيار الرباني ليكون حملة لآخر رسالة سماوية للأرض، و هم الذين ثبتت صفتهم على أفضل ما يوصف به المؤمن في التوراة و الإنجيل و القرآن؛ قال تعالى: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 29]، هذا الوصف ثابت لجميع الصحابة إلا أن الأنصار خصوصا تميزوا ببعض المواقف الحضارية النبيلة التي أرى أنها بحاجة للتوقف عندها، و استنباط العبر و الدروس منها

فهم الذين احتضنوا الدعوة حين رفضتها جميع القبائل، و سخَّروا أموالهم و أنفسهم و ديارهم في سبيل الدفاع عنها و إزالة العوائق عن طريقها، و تبرؤوا من تحالفاتهم في الجاهلية و أخلصوا الولاء للإسلام، و هم أصحاب البيعتين اللتين تعهدوا فيهما أن يحموا النبي صلى الله عليه و سلم مما يحمون منه أنفسهم و نسائهم، و هم عاصمة خلافة الإسلام طيلة فترة الخلافة الراشدة.

و في أول اختبار حقيقي لعزيمة الأنصار في معركة بدر التي كانت خارجة – إجرائيا - عن نص معاهدة بيعة العقبة التي لم تنص على خروج الأنصار إلى أي حرب خارج ديارهم وإنما حماية الرسول صلى الله عليه و سلم داخل المدينة فقط و عدم إخراجه منها، كان جواب الأنصار صارخا على لسان سعد بن معاذ - حامل راية الأنصار – الذي وقف موجها خطابه لرسول الله صلى الله عليه و سلم قائلا: قد آمنا بك و صدقناك، و شهدنا أن ما جئت به هو الحق، و أعطيناك على ذلك عهودنا و مواثيقنا، على السمع و الطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فو الذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، و ما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، إنا لصُبْرٌ في الحرب، صُدْقٌ في اللقاء، و لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله.

و يكفيهم أن الله قد شهد لهم بأنهم، { يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَ لَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ }، و ختم بالشهادة لهم بالفلاح: {وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [الحشر: 9] .
و الواقع أن فضل الأنصار و مآثرهم – بل و حتى مواقفهم - أكثر من أن يطالها الحصر، لكننا سنقف وقفة عجلى عند موقفين اثنين من نوادر مواقف المجتمعات ربما في التاريخ الإنساني كله:

الموقف الأول:
في ختام غزوة حنين بعدما أفاء الله على رسوله و فرق الخير في الناس و أعطى قبائل العرب تلك العطايا التي ملأت رحب الفضاء من النعم و الشاء و الغنم، و من الذهب و الفضة و المال، و لنستمع لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه و هو يحكي ماحدث؛ إذ يقول: لما أعطى رسول الله صلى الله عليه و سلم ما أعطى من تلك العطايا في قريش و في قبائل العرب، و لم يكن في الأنصار منها شيء، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى كثرت منهم القالة، حتى قال قائلهم: لقي  و الله رسول الله صلى الله عليه و سلم قومه، فدخل عليه سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله، إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، و أعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب، و لم يكن في هذا الحي من الأنصار منها شيء، قال: "فأين أنت من ذلك يا سعد" ؟


فقال: يا رسول الله، ما أنا إلا من قومي، قال: "فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة" قال فجاء رجال من المهاجرين، فتركهم فدخلوا، و جاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا له، أتى سعد فقال: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم، فحمد الله و أثنى عليه بما هو أهله ثم قال: "يا معشر الأنصار، ما قالة بلغتني عنكم، و وجِدَةٌ وجدتموها علي في أنفسكم، ألم آتكم ضلالا فهداكم الله بي، و عالة فأغناكم الله، و أعداء فألف الله بين قلوبكم"؟ قالوا بلى، الله و رسوله أمن و أفضل، ثم قال: "ألا تجيبونني يا معشر الأنصار" 

قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله، لله و لرسوله المن و الفضل، قال: "أما و الله لو شئتم لقلتم و لصدقتم: أتيتنا مكذبا فصدقناك، و مخذولا فنصرناك، و طريدا فآويناك و عائلا فآسيناك، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا، تألفت بها قوما ليسلموا، و وكلتكم إلى إسلامكم، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة و البعير و ترجعوا برسول الله إلى رحالكم، فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، و لو سلك الناس شعبا و سلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، و أبناء الأنصار، و أبناء أبناء الأنصار" قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، و قالوا: رضينا برسول الله صلى الله عليه و سلم قسما و حظا، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم و تفرقوا .

الموقف الثاني:
 بعد انتقال النبي صلى الله عليه و سلم إلى الرفيق الأعلى و في خلافة أبي بكر رضي الله عنه على وجه التحديد، يرويه الهيثم بن عدي عن عوانة قال: جاء مال من البحرين إلى أبي بكر رضي الله عنه، فساوى فيه بين الناس، فغضبت الأنصار و قالوا: فَضِّلنا، فقال لهم أبو بكر: صدقتم، إن أردتم أن أفضلكم فقد صار ما عملتم للدنيا، و إن شئتم كان ذلك لله و الدين! فقالوا: و الله ما عملناه إلا لله و انصرفوا.

فرقى أبو بكر المنبر فحمد الله و أثنى عليه و صلى على نبيه صلى الله عليه و سلم ثم قال:
" و الله يا معشر الأنصار، لو شئتم أن تقولوا: إنا آويناكم و شاركناكم في أموالنا و نصرناكم بأنفسنا لقلتم، و إن لكم من الفضل ما لا نحصيه عدداً و إن طال به الأمد، فنحن و أنتم كما قال الغنوي:
جزى الله عنا جعفراً حين أزلقت ... بنا نعلنا في الواطئين فزلت 
هم خلطونا بالنفوس و ألجئوا ...   إلى حجرات أدفأت وأظلت 
أبوا أن يملونا، و لو أن أمنا ...    تلاقي الذي لاقوه منا لملت "

من خلال مقارنة سريعة بين هذين الموقفين نستنتج ماكان عليه أنصار النبي صلى الله عليه و سلم من نبل السجايا و كريم الخصال و تحمل مسؤلية الشهادة و الدين، و ما تمتعوا به رضوان الله عنهم و عن صحابة رسول الله أجمعين من أخلاق عاليه و مستوى من الإخلاص و التجرد لله فريد من نوعه، و هي كذلك تدل على استمرارية هذا الإخلاص و التجرد و أنه لم يكن في الفترة الأولى من الدعوة فقط، بل تضاعف بعد موت النبي صلوات و ربي و سلامه عليه فقد استمروا على منهجهم في الإيثار و التعفف و التعالي على أطماع الدنيا و حظوظ النفس، و كم في ذلك من مجاهدة، كذلك فإنه يدل على مدى اللحمة و الاتحاد و وحدة الكلمة الذي أصبح عليه الأنصار بعد الإسلام بعد أن كانوا أعداء يتربص كل فريق منهم بالآخر.

بل إن بعض المصادر تذكر أن الحروب الطاحنة استمرت بين الأوس و الخزرج قرنا و ربع القرن من الزمان (نحو 120 سنة) طلبا للرئاسة و السيادة على يثرب و لم تنته حتى جاء الإسلام فأطفأ نارها، و تحول مجتمع الأنصار تحولا كاملا عن ما كان عليه من الشقاق و الفرقة و حب الرئاسة و طلب الدنيا، و يا لروعة هذه المظاهر العظيمة من مظاهر الإيمان و الحب لله و لرسوله، 
و من ثم فلا عجب أن تصبح: " آية الإيمان حب الأنصار و آية النفاق بغض الأنصار" كما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه كما عند [ أحمد (3/130، رقم 12338)، و البخاري (1/14، رقم 17)، ومسلم (1/85 ، رقم 74)]

و عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : "الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن و لا يبغضهم إلا منافق فمن أحبهم أحبه الله و من أبغضهم أبغضه الله " [ أحمد (4/292، رقم 18599)، و البخارى (3/1379، رقم 3572)، و مسلم (1/85، رقم 75)]، رزقنا الله حبهم، و جمعنا بهم في دار الكرامة و النعيم، بمنّه و كرمه، إنّه على ذلك قدير .

الرابط:

http://articles.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=191698

قراءة 2115 مرات آخر تعديل على الخميس, 09 تموز/يوليو 2015 09:18

أضف تعليق


كود امني
تحديث