قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الجمعة, 07 شباط/فبراير 2014 14:39

الارتباط بين القول والعمل

كتبه  الدكتور عبد الحليم عويس رحمه الله
قيم الموضوع
(0 أصوات)

كان سعيد بن المسيب تابعيًّا جليلاً، عالمًا ورعًا، جمع بين العلم و الدين و الثراء، و الزهد و الفقه، و البعد عن الجاه و المناصب و أصحاب الدنيا.

و قد عاصر سعيدٌ عددًا من خلفاء بني أُمَيَّة (41 - 132 هـ) على رأسهم عبدالملك بن مروان، و الوليد بن عبدالملك، و كانتْ له بعض الآراء و المواقف التي يُبدِي فيها استقلاله الكامل و نزاهته في الفقه و الفتيا و الوعظ..

و نظرًا لثقة ولاة الأمور في إخلاصه و مكانته و حبِّ الناس له؛ تركوه لشأنه، فلم يقع بينه و بين أولي الأمر خلاف كبير، مع أنه كان يرفض أُعطِياتِهم، و قد رفض قبولَ ثلاثين ألف درهم، و هبات أخرى كثيرة أرسلها إليه الخليفة عبدالملك بن مروان (65 - 86 هـ).

و أكبر من هذا كُلِّه ذلك الموقف الذي يذكره التاريخ بالمجد و الفخر، حين رفض أن يزوِّج ابنته من وليِّ العهد (الوليد بن عبدالملك)؛ لغرس قيم معيّنة في نفوس تلامذته الذين كان يربِّيهم، و كانوا عنده في موضع الأبناء و المُرِيدين، لا يبخل على فقيرهم، و لا يمنعهم علمَه و فضله في ليل أو نهار.

و كان (سعيد بن المسيب) - إمام التابعين - يعلم أنه ليس بدروس الوعظ وحدها، و لا بالعلم وحده يعرف حقيقة الناس، فعلمٌ دون عمل صالحٍ لا قيمةَ له، و القدوةُ بالفعل أهمُّ من كُلِّ صور البلاغة بالقول، و عظمة الأنبياء - عليهم السلام - و خاتمهم إمام المتقين محمد - صلى الله عليه و سلم - إنما تتجلَّى في تحقيقهم (القدوة المثلى) في كُلِّ ما يقولون.

و النفاق هو مخالفة القولِ العملَ، و العملِ القولَ، و الإخلاصُ و الصدقُ يتأكَّدان في التطابق بين القول و الفعل؛ هكذا كان سعيدٌ ينصح الناس و يعلِّمهم.

و قد وقف سعيدٌ مرَّة وقفة من وقفاته تلك، و أخذ يتحدَّث إلى الناس، و يقول لهم: "أتعرفون أن غضب الله لاحق بكم، ما ذاك إلا لأن سُنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - قد ضاعتْ بينكم، و الرحمة قد نُزعت من قلوبكم، و تكالبتم على حبِّ التفاخر بالأنساب و الأموال، و إنَّ أحدَكم لو خُيِّر بين أن يتزوَّج من سلالة النبي أو يزوِّج لهم، أو أن يتزوَّج من أولياء الأمر و أصحاب الحكم أو يزوِّج لهم، لغلبه شيطان الدنيا و أضلَّه هواه و اختار الثانية، إنِّي لأراكم تُؤثِرون لبناتكم كُلَّ ذي مال و نسب، و ليس كل ذي علم و أدب، و أراكم تغالون في المهور، و تطلبون منها الباهظ، و تؤثرون الكثير منها على القليل، و في ذلك - كما يعلم الله - انتقاص لإنسانية بناتكم المؤمنات؛ حيث تضعونهن موضع السلعة التي يُشتط في طلب ثمنها، و في ذلك دليل على ضعف إيمانكم و مخالفتكم لأوامر نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم" (أو كلامًا هذا معناه).

و استرسل الشيخ سعيدٌ في حديثه، و انخرط في كل أسلاكه، و ذهل الحاضرون من وقع هذا الكلام في نفوسهم، و انتقلوا بدَوْرهم إلى عالَم الروحانية الصافي، و طأطؤوا رؤوسهم، و بدوا و كأنهم ما أصابوا من الدنيا و ما أصابت الدنيا منهم.

و قد كان الذين يسمعون هذا الكلام يعرفون مدى صدقه؛ فهم قد رأوا صاحبه سعيدَ بن المسيب يرفضُ زواج ابنته من وليِّ العهد (الوليد بن عبدالملك)، و يعرفون أنه زوَّجها لـ (أبي وداعة) تلميذه الفقير، الذي ماتتْ عنه زوجته و لم يتزوَّج، فأعطاه سعيد ابنته بمهرٍ قيمتُه لا تزيد عن درهم و خاتم من حديد!

لقد حقَّق سعيدٌ - أمامهم عمليًّا - ما كان يروى عنه من مثل قوله: "الله الله؛ إن الدنيا حقيرة، و هي إلى كُلِّ حقير أميَل و أحَب، و أحقرُ منها مَن أخذها بغيرِ حقِّها، و طلبها من غير وجهها، و وضَعها في غير سبيلها".

أيها الناس:

لا تملؤوا أعينكم من أعوان الظلم إلا بالإنكار عليهم في قلوبكم؛ حتى لا تحبط أعمالكم، يد الله فوق الجميع، فمَن رفع نفسه و وضع غيره، خفضه الله، الناسُ تحت كنف الله يجازون بأعمالهم، فإذا أراد الله فضيحة عبدٍ، أخرجه من تحت كنفه فبدتْ للناس عورته، الله الله؛ إيَّاكم و ذِكرَ الناس بما ليس فيهم، و رميَهم بما لم يفعلوا.."!

لقد عاش سعيدٌ إمامًا تقيًّا، و معلِّمًا يَمضِي على درب النبوة، و يقدِّم للناس المواقفَ العملية التي تتجسَّد فيها أخلاق تلامذة رسول الله - صلى الله عليه و سلم.

و لقد أثبت سعيد بن المسيب و جيلُ التابعين الذين عاشوا في عصر بني أُمَيَّة أنهم استمرارٌ لعصر الصحابة، و أن نهر التقوى و الصلاح كان زاخرًا، و أن الذين يريدون القول بأن انتقال الأمور إلى بني أميَّة أوقف تيَّار الشرع و القيم الإسلامية - إنّما يَهْرِفون بما لا يعرفون، و يركِّزون على جانب و يهملون المساحة الكبيرة الوضيئة.

و سيبقى في كُلِّ عصر - وإلى أن يرث الله الأرض و مَن عليها - دعاة ثابتون عاملون فَقِهُون، ظاهرون على الحقِّ، لا يضرُّهم مَن خالفهم، و رحم الله سعيد بن المسيب التابعي الجليل، الذي كانتْ حياته سلسلة من المواقف الرائعة الخالدة.

 
المصدر : موقع الدكتور عبد الحليم عويس، الألوكة.
قراءة 1820 مرات آخر تعديل على الأحد, 05 تموز/يوليو 2015 21:29

أضف تعليق


كود امني
تحديث