قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 30 آذار/مارس 2014 11:06

إن الأرض لا تقدّس أحدا

كتبه  الأستاذة رقية القضاة من الأردن الشقيق
قيم الموضوع
(1 تصويت)

خرج سلمان الفارسي من المدائن أميرا ، و عاد إليها أميرا، و امتدت رحلته الطويلة المضنية ، ما بين العزّ و الجاه و النفوذ، و ما بين العبودية المرهقة، و من الشرك و الضلال، إلى الهدى و الرشاد، و اجتمعت له الدنيا حرّا فعافها بحثا عن الحق و النور،و أتته الإمارة راغمة فازدرى بهرجها و مغرياتها ، فأي رجل انت يا سلمان الفارسي؟
  [سلمان الفارسي] قرّة عين والده الحاني، أحبه إلى درجة أنّه لم يكن يسمح له بمغادرة المنزل خوفا عليه من كل شيء و أي شيء، و لم يكن ذلك الولد كما لم يكن أبوه يتوقعان ان الأيام المقبلة، ستفرقهما فراق الأبد، و لكن الله يريد لذلك الإبن شيئا ، غير ما اراده أبوه ، في ليلة اضطرّ فيها الأب إلى إرسال ولده في مهمة خارج أسوار ضياعه و قصوره المترامية الاطراف، و تسوق سلمان قدماه إلى  كنيسة فيها قوم يصلّون، و يعجب الشاب بصلاتهم ويعود إلى أبيه و يخبره بما رأى، و يخشى الأب أن يفارق ولده دين المجوس ،و عبادة النّار المقدّسة فيقيدة في المنزل، و يتمكن سلمان من كسر قيده، و ينظر في كل اتجاه من القصر، فيرى المال الوفير، و الظل الظليل ، و الغنى الفاحش ، و التدليل المتناهي ، و لكنه  يسمع في قلبه صوتا أقوى من صوت الرفاهية ، و يحس في نفسه كراهية تامة لهذه القيود الحريرية ، التي يمثلها الجاه و السلطان و الذهب ،و يصبو إلى حرّية الروح ، و معرفة الحق ، و الدين الحق، لقد حدثته نفسه كما حدّثه قلبه أن النار لم و لن تكون إلها ، و أي إله هذا الذي إذا لم توقد نوره بيدك فإنّه ينطفيء و يخبو ، و أ ي ربّ هذا الذي يهدر و يتطاير شرره في كل اتجاه ، و هكذا فرّ سلمان الفارسي الى الكنيسة ، و طلب من الكاهن فيها أن يدله على اصل ديانته، و يدلّه الكاهن على الشام ، و يرشده الى كاهن يقيم فيها ‘ و يلتحق  سلمان بأوّل قافلة راحلة باتجاه البلد الذي طارت إليه روحه،وهفا اليه قلبه ، و يصل وجهته التي طالما تمنى الوصول إليها ، و يتعرف على ذلك الراهب الذي ارتحل إليه و هو يظنه ورعا تقيا ندي القلب ، كتلك الترانيم التي سمعها ذات ليلة فجعلته يطوي القفار ، لأجل أن يكون من أهلها ، و لكن قدره يوقعه في يد من ليس بأهل للإتباع ، فالراهب الذي قصده كان مثل سوء لمن إئتمنه اتباعه على صدقاتهم و هباتهم، التي استولى عليها و منعها ممن قدمت لأجلهم ، و سلمان يرى الظلم ول ا يرضاه ، و لكن أنى له الإعتراض على رجل الرب الذي يقدسه أتباعه و يرونه مثالا للزهد والورع.

و يهلك الرجل بعد حين و يدل سلمان الناس على مكان أمواله التي ادّخرها خلسة من قومه ، فيغضبون اشدّ الغضب لتلك السنين التي أمضوها في خديعة من كاهنهم، فيأبون أن يدفنوه و يصلبونه و يرجمونه.و يحلّ محله راهب آخر  زاهد صالح عابد ، يحنو على سلمان و يقوم على أمر رعيته ، و تحضره الوفاة فيوصي سلمان باللّحاق براهب صالح في الموصل ، و يظل سلمان يرتحل في أصقاع الارض حتى يصل الى عمورية ، و هناك يوصيه الرّاهب الذي يخدمه بأن يرتحل إلى  بلاد العرب ، مبشرا إياه بقرب مبعث نبي من العرب في أرض العرب ، و ان يثرب مهاجره، و يرتحل سلمان  قاصدا تلك البلاد التي تعطرها نسائم النبوة المنتظرة ، و يعدو عليه قطاع الطريق فيبيعونه لتاجر يهودي  ، يحمله إلى يثرب، فيغدو عبدا رقيقا بعد عز و إمارة و حرية ،و لكن روحه تأنس لنخيل يثرب ، و تألف فضاءها الرحيب ، و هو يرى فيها تلك الملامح التي حدّثه بها راهب عمورية الصالح، فيرجو أن يكون من أتباع ذلك النبي المنتظر
و تشغل قيود العبودية القسريّة سلمان عن متابعة احداث مكة ، و مبعث الرسول صلى الله عليه و سلم فيها  حتى هاجر النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه إلى المدينة المنوّرة ، و يسمع سلمان بالنبأ الذي طالما انتظره ، و يتذكر تلك العلامة التي أخبره بها راهب عمورية، [نبي يأكل الهدية ول ا يأكل الصدقة] فيأخذ شيئا من طعام كان عنده و يقصد  ذلك الرجل الذي تمنى رؤيته سنين طوال، و يدنو سلمان الأمير الأسير المسترقّ ، من النبي الذي بعث برسالة الحق و الحرية ، و يقدم له الطعام الذي يحمله قائلا:بلغني أنك رجل صالح و أن معك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة ، و هذا شيء جمعته للصدقة ، و يعطي النبي صلى الله عليه و سلم الطعام لأصحابه و لا يتناول منه شيئا ، و يقول سلمان في نفسه هذه واحدة.
و تتجاذبه عاطفته لهذا الرجل و أمانيه في أن يكون هو النبي الذي يرجو ، فيمد له يده بطعام آخر قائلا: إني رأيتك لا تأكل الصدقة و هذه هدية أكرمتك بها، و تكون العلامة الثانية للنبي الذي أخبره بها الراهب الصالح ، و يبقى خاتم النبوة بين كتفي الرسول فكيف سيراه سلمان ، و يقدم عليه مرة أخرى  ، و قد انصرف صلى الله عليه و سلم من جنازة لاحد أصحابه و يرى سلمان يحاول النظر الى موضع خاتم النبوة، فيلقي الرداء عن ظهره ، و تكون الثالثة و ينكب سلمان على رسول الله صلى الله عليه و سلم يقبله ويبكي، و يقص على النبي صلى الله عليه و سلم قصة البحث ، و رحلة الروح الظمأى للحق ، و يشهد ان لا إله الا الله و أن محمدا رسول الله.
و يأمره النبي صلى الله عليه و سلم أن يكاتب سيده اليهودي من أجل حريته ، فيكاتبه على ثلاثمائة نخلة يحييها ، و أربعين اوقية من ذهب، و الرسول الحاني المحب لأتباعه فقيرهم و غنيهم ، حرهم و عبدهم ، صغيرهم و كبيرهم ، ذكرهم و أنثاهم،ل ا تشغله عن سلمان و حالته شاغلة ، يأتيه سلمان بغصون النخل التي أمدها به إخوته مسلمو المدينة ، فيقول له الرسول صلى الله عليه و سلم : [إذهب يا سلمان ففقر لها فإذا فرغت أكون أنا أضعها بيدي] و يعطيه صلى الله عليه و سلم قطعة من الذهب لكي يدفعها لليهودي الذي يملكه و يبارك الله تعالى في فسائل النخل فتحيا جميعها ، و في قطعة الذهب الصغيره ، فتزيد على الاربعين اوقية ، فيشتري سلمان بها حريته الغالية تلك التي فقدها بجور الجاهلية  ،و استردها بعدل الاسلام.
و يحتجّ المسلمون في سلمان الفارسي ، فيرى الأنصار انتسابه إليهم و يحب المهاجرون انتسابه اليهم ، و يحسم الرسول صلى الله عليه و سلم الموقف قائلا:{سلمان منّا أهل البيت }في إشراقة نبوية لطيفة ، فسلمان نزع رداء الجاه العريض ، و رمى خلف ظهره أكداس المال ، و واسع الضياع  ، في رحلة تضحية قل نظيرها عن المعبود الحق و الدين الحق، فاستحق الوسام الرفيع بالانتساب إلى بيت نبي الله صلى الله عليه و سلم.
و سلمان فقيه عالم بشهادة رسول الله صلى الله عليه و سلم، فلقد آخى بينه و بين أبي الدرداء رضي الله عنهما، فزار سلمان أخاه فقرب لهما الطعام ، فقال ابو الدرداء إني صائم، فقال سلمان ما انا بآكل حتى تأكل فاكل، و لماكان الليل قام ابو الدرداء ليصلي فقال له سلمان نم، فنام، فلما كان من آخر الليل قال له سلمان :قم الآن ، فقاما فصليا، و قال له:إن لنفسك عليك حقا، و لربك عليك حقا، و إن لضيفك عليك حقا، و إن لأهلك عليك حقّا، فأعط لكل ذي حق حقه، و أتيا رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكرا له ذلك فقال:صدق سلمان و في رواية أن ابا الدرداء كان يصوم يوم الجمعة و يقوم ليلتها، فأمر سلمان أبا الدرداء أن يفطر يوم الجمعة، و ذكرا ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال:عويمر! سلمان اعلم منك، عويمر! سلمان اعلم منك،عويمر! سلمان أعلم منك،ل ا تخصن ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي و لا تخصن يوم الجمعة بصيام من بين الايام ]
و يعود سلمان مع جيش الفتوح الاسلامية الى المدائن، و قد عينه الخليفة الفاروق أميرا عليها، و لم يبحث سلمان عن القصور التي كانت له ذات يوم، و لم يستولي لنفسه على ضياع كانت ذات يوم ملاعب صباه، و ملك أبيه، و لم ينتظر من الغمارة الجديدة أن تدر عليه لبنا و عسلا ، بل كلت يداه و هو أمير المدائن ، من عمل الخوص ، كي يحصل رزقه ، و لم تبرر له نفسه الزكية ، و قد ارتقى بها الإسلام إلى أعلى درجات النقاء، أن يمد يده إلى مال كان له ذات يوم ، فقد استعلى على الدنيا و هو شاب غرير، يفرح قلبه لزهرتها و تستخفه مباهجها ، و حلّق بعيدا عن قيودها بأجنحة الحرية الكريمة و العقيدة السليمة ،و الفهم الدقيق لاحكام الشرع ، فصار ينبوع حكمة و مصدر هدي للأمة إلى يوم الدين
و يشتاق إليه أخوه أبو الدرداء و هو في بلاد الشام و سلمان في العراق، فيرسل الى سلمان قائلا:هلم إلى الارض المقدّسة، فيكتب إليه سلمان قائلا :{إن الأرض لا تقدّس أحدا و إنما يقدّس الانسان عمله }
و تحضره الوفاة و قد عمّر طويلا في طاعة و ورع، و يجتمع إليه إخوانه الذين أحبهم في الله و يبكي سلمان ، فيقول له أصحابه ما يبكيك فيقول سلمان الورع كعهد إلينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ،قال :{ليكن بلاغ احدكم كزاد الراكب }و ينظر الأصحاب حولهم فلا يرون من حطام الدنيا شيئا الا ما يقوّم بعشرين درهما!!!

متاع بعشرين درهم يرعبك أن تلقى الله بها يا سلمان ؟ و أنت أمير المدائن!! عشرين درهما تبكيك عند موتك مخافة ان تحاسب عنها ؟،  ألا فلتفخري أيتها الأرض أنّ قدما سلمان الورع البارّ الطاهر الخاشع ،قد مرّت يوما فوق ترابك ، و لتبقي أيتها الامّة شامخة عليّة ظاهرة على عدوك ، ما دامت فيك سيرة هؤلاء الاطهارقدوة و منارا.
{اللهمّ صلي و سلم على نبيك و آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين }

قراءة 2012 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 08 تموز/يوليو 2015 17:31

أضف تعليق


كود امني
تحديث