قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 26 نيسان/أبريل 2014 07:27

المواطنة

كتبه  الدكتور طارق رمضان
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لقد ُطرح مفهوم «المواطنة» على بساط التحليل و النقاش بشكل أكبر و أكثر توسعاً في التقليد الفرنسي منه في تقاليد الدول الأنجلوساكسونية الأخرى. إلا أن الأمور بدأت تتغير في العقد الأخير على ما يبدو. فأعداد المهاجرين المتزايدة و التهديدات الأمنية للمجتمعات الغربية استحضرت بعض الأفكار إلى الواجهة من جديد، إلى جانب بعض المساجلات الجديدة. ففي أميركا و كذلك في أوروبا تدور مسألة «المواطنة» حول هذا السؤال: «من ينتمي إلينا؟» أو «ما هي متطلبات الانتماء؟» و هذا النهج ليس بنّاءً أو كريماً أو إيجابياً في أساسه لأنه ناتج عن العديد من المخاوف التي سبق ذكرها، و من الصعب إدارة التنوع الثقافي و الديني رغم الإطار القانوني المشترك. لم تشغل هذه القضايا بال علماء العقد الاجتماعي الأوائل من أمثال هوبز، و لوك، و روسو، و من بعدهم ألكسيس ده توكڤيل (1805 – 1859) -الذي كان مهتماً بمساواة الظروف البشرية- بل ما كان يشغلهم هو الأساس الشرعي للانتماء و المحافظة على المساواة، إلى جانب التنظيم، و أيضاً من خلال القانون، للعلاقات التفاعلية، أو تلك التي يجب أن تقوم بين الأفراد و الدولة. كان موضوع التجانس الثقافي أمراً مفروغاً منه، و لهذا لم يمكن التنبؤ بأي انتهاك لحرفية أو روحية القانون، المقرّر و المطبّق. ما انطوت عليه النظريات كان إدارة القوى السياسية من خلال العقد الاجتماعي للحد من صلاحيات الدولة، و كبح تأثير الأغنياء و المتسلطين، و حماية حقوق المستضعفين.
لقد سمح امتداح المبادئ الديموقراطية و مناصرتها للمجتمعات الأوروبية و من بعدها الأميركية أن تتقدم باتجاه سيادة للقانون أكثر فاعلية. لكن و كما قلنا فقد كان هناك سؤال يطفو على السطح بشكل متكرر و ملِح، و السؤال الذي صَعُبَ صياغة إجابة واضحة و شافية له هو الآتي: على مستوى المفهوم الفلسفي و القانون الأساسي، هل كان الدفاع عن فكرة المساواة و العقد الاجتماعي يتم بدافع من فكرة محددة تتناول البشرية ككل، لكي يتم تطبيقها على الجميع بنفس الطريقة؟ أم أنه انعكاس مقيّد بمجتمع المرء الخاص، و بأفراده، مستثنياً أو متغاضياً عن وجود الآخرين؟ و هذا السؤال ليس و لم يكن تافهاً أو جديداً. فالمجتمع المثالي في «جمهورية» أفلاطون (حوالي. 424 – 347 ق.م) يضم النخبة فقط؛ و الديموقراطية في أثينا مخصصة لأقلية من سكان المدينة و هي طبعاً تستبعد كل الأجانب أو «البرابرة». أما مساهمة الفارابي (حوالي. 872 – 950)، بتأملاته و آرائه حول العلاقة بين السياسة و الفلسفة و الأخلاقيات في كتابه (آراء أهل المدينة الفاضلة) فتكشف المشكلة نفسها: ماذا عن أولئك الذين لا ينتمون إلى المدينة الفاضلة، أو أولئك الذين لا يعتبرون، لسبب أو لآخر أعضاء كاملين؟ إن المبدأ الإيجابي لسيادة القانون و المساواة «و النقاش فيما بيننا» لم يفِ معنى السؤال حقه فيما يخص العدالة تجاه المدعوين أو المشار إليهم باسم «هم» أو «الآخرون»، أو «البرابرة»، أو «الأجانب»، بل أيضاً الأفراد الذين ينتمون إلى طبقات اجتماعية محتقرة، كما كانت و لا تزال حال الداليت (طبقة الباريا المضطهدة) في الهند. إن الديموقراطية و العدل بين المواطنين لا تلغي إمكانية وجود الاستعمار الجائر و الاستبدادي تجاه الآخرين. لم تستطع حتى أفضل الفلسفات أن تتجنب مثل هذه التناقضات، و التاريخ مليء بحالات لمجتمعات فاضلة ظاهرياً، لكنها ترتكب أفعالاً عنصرية مدمّرة ضد «الدخلاء
إن مجتمعاتنا الحديثة الديموقراطية نوعاً ما، الغنية نوعاً ما، هي بعيدة كل البعد عن التوصل إلى وضع حلول لهذه التحديات. و بالطبع فإن المواطنة من المفترض أن تعني مساواة الجميع في الحقوق و الواجبات. و هنا يبدو العقد الاجتماعي واضحاً تماماً، و أفراد المجتمعات الديموقراطية يعرفون حقوقهم و واجباتهم. لكن هناك أوضاع أخرى للناس، ليس فقط الزائرين، بل أيضاً أولئك الذين يعيشون ضمن مناطق ليسوا مواطنين فيها بل مقيمين، و هناك طبعا المهاجرون (الذين يُصنّفون في معظم الدول وفق معايير زمنية: «طويلة،» «مؤقتة،» «فصلية،» إلخ)، بالإضافة إلى اللاجئين، و أخيراً الفئة غير المحددة و التي تشمل «المهاجرين غير الشرعيين» و «الذين لا يحملون وثائق» إثبات شخصية. القانون يميز بين هذه الأوضاع كلها، و يعتمد مبدأ المساواة، حسب التعريف، عليهم. لكن المزعج و المغيظ هو ملاحظة أن الأوضاع المختلفة تبرر معاملة مختلفة، قد تتعارض مع مبدأ و ممارسة احترام الكرامة الإنسانية. إن تفسير القانون و طرائق تطبيقه قد تكون هي أساس مشاكل و تجاوزات أكثر من تلك التي تُحدِثها حرفية القانون، فتجيز –على سبيل المثال- معاملة غير مقبولة للعديد من غير المواطنين، مما يتعارض تماماً مع ما يعتبره المرء عادلاً له و لمن حوله. ويمكن «للأفضلية الوطنية» أن تهمّش بعض المقيمين الأكفاء، و كنتيجة لذلك يُعامَل المهاجرون أحياناً بطريقة بغيضة جداً في العديد من الدول الغربية و كذلك في آسيا، و في كل أنحاء القارة الأفريقية، و في ممالك النفط الغنية. يُجرَّم اللاجئون و الأشخاص الذين لا يحملون وثائق إثبات رسمية، و يعانون من الإذلال اليومي، الذي يشمل الاستغلال، و سوء المعاملة، و الاعتقال، و الترحيل الفردي أو الجماعي إلى «بلادهم».
هل نستطيع، كما فعل الفلاسفة القدماء الذين مجّدوا أثينا و أبناءها و احتقروا «الأجانب» أن نقنَع بوضع «المواطن» النبيل و أن ننأى به بقصر نظر عن أوضاع المهاجرين أو «البرابرة» السريين التي لا يُحسدون عليها؟ و خلف هذه الفئات و التسميات ألسنا نخلق أو نقبل بوجود طبقات جديدة تميّز الأفراد حسب أصولهم و ألوانهم و ثرواتهم؟ هل يمكن لديموقراطياتنا الموقّرة أن تبرر العبودية الصارخة للكثير من الرجال والنساء؟ إن لم يكن الخطأ المباشر يكمن بوضوح في ديموقراطيات «كهذه»، أليس القبول الصامت بتلك الهرميات و تلك المعاملة العنصرية هو في حد ذاته خطأ أخلاقي؟ و قد كانت هذه المشكلة هي جوهر احتشاد دول أميركا اللاتينية ضد التصويت في البرلمان الأوروبي لصالح ما يُسمى «توجيه العودة»return directive» و هو قانون للهجرة يشجّع على «العودة الطوعية» و يقضي بسجن المهاجرين الذين لا يحملون وثائق رسمية، و ترحيل القُصّر. و قد انتقدت دول أميركا الجنوبية (وسط صمت قاتل من قبل الدول الأفريقية، خصوصاً دول شمال أفريقيا) ذاك «التوجيه المعيب»، و ذكّرت الأوروبيين أنه من فترة ليست ببعيدة كانوا هم المهاجرين إلى أميركا و أنهم استقبلوا بطريقة مختلفة تماماً. و أضافوا أنه يجب أن يكون هناك رابط مباشر بين الهجرات و حقوق الإنسان: فحقوق الإنسان يجب أن تطبق أيضاً على المهاجرين و اللاجئين الذين قهرتهم الظروف الاقتصادية، و غيرها من أشكال البؤس، كي تساعدهم على النجاة. يبدو و كأن مسألة حقوق الإنسان أصبحت خطاباً أو أداة في يد الأغنياء؛ خطاب يمجدون من خلاله مُثلهم، و أداة مناسبة لحماية مصالحهم من خلال غطاء العدالة و المساواة. و هذه هي النظرة إليهم في كل أنحاء العالم من قبل مليارات النساء و الرجال الذين تجعل ظروفهم المعيشية من إعلان حقوق الإنسان و تطبيقاته محض خيال و أوهام.
علينا أن نذهب أبعد من ذلك، إذ يبدو أن الفئات التمييزية قد تغلغلت حتى بين المواطنين. و يبدو أن هناك أنواع مختلفة من المواطنين، فمن ناحية هناك الذين شاركوا تاريخياً – بطريقة حقيقية، أو مثالية، أو متخيّلة تقريباً – في العقد الاجتماعي الأصلي، و هناك من يتشارك ثقافة عامة متجانسة، و هناك من يُعتبر حسب العقلية الجماعية جزء من المجتمع فعلاً. و هم يبدون مخوّلين بشكل طبيعي الحصول على الحقوق نفسها. و من ناحية أخرى هناك «المواطنون الجدد»، من أصحاب الثقافات و الأديان المختلفة، الذين قد يكونون مواطنين حقاً لكن بوضع مختلف. فهم لا يزالون يُنظَر إليهم و يعاملون على أنّهم: «هم»، «الآخر»، «أقلية»، حتى لو لم يكن لمفهوم «مواطنة الأقلية» وجود قانوني. إنه وضع نفسي. لا يزال على «مواطني الأقلية» هؤلاء أن يندمجوا ليثبتوا (غالباً بعد عدة أجيال) أنهم يستطيعون حقاً أن يكونوا جزءاً «منّا». إذاً هناك نوع جديد من المواطنة قد تم خلقه لأولئك غير الموثوق بهم بصورة كاملة (أو بلفظ آخر: المشكوك بأمرهم) حيث لا يُعدّ احترام القانون وحده كافياً. و كما يبدو، يخطىء هؤلاء المواطنون «الجدد» حين يطالبون بتطبيق متساو للقانون، لأنه يبدو من «الطبيعي» أن تتوفر بعض المتطلبات الإضافية في هؤلاء الأشخاص الذين يجب التحقق من «اندماجهم» و «ولائهم
هذا ما دعاه عالم الاجتماع الهولندي الشاب فيليم شينكل باسم «المواطنة الأخلاقية»؛ إذ لا يوجد فيها ما هو شرعي أو رسمي، لكن يبدو أن هناك قائمة قد وُضعت لما هو متوقع من المواطنين المختلفين ثقافياً أو دينياً، قبل أن يتمكنوا من الحصول على مكانتهم الطبيعية. فوراء احترام القوانين و تعلم اللغة، يتم التطفل على حياتهم الخاصة دون تردد، و التشكيك بتقاليدهم، و طريقة لباسهم، و تعليم أبنائهم، إلخ. لا يُقال هذا بوضوح، فالأمر يحدث بشكل غير رسمي، لكن انعدام رسمية «المواطنة الأخلاقية» أو «المواطنة النفسية» له عواقب قاسية على الأفراد. فهم ليسوا جزءاً من نسيج المجتمع في الواقع، و قد يعانون من التمييز، و هذا أمر لا يصدم «الأغلبية.» فبعد أجيال من وجودهم يُفترض أن يُلحظ نجاحهم الشرعي و النفسي في الاندماج، بالتوقف عن ذكر الاندماج، لكن العكس هو الذي يحدث، فبعد جيلين أو ثلاثة أو ربما أربعة أجيال «هم» لا يزالون «مهاجرين.» ربما علينا أن نتذكر، و هذه هي الرسالة التي أراد أهالي أميركا الجنوبية نقلها للأوروبيين في النهاية حول سياسات الهجرة، أن الاختلافات بين المهاجرين و المواطنين «الجدد» من ناحية، و «المواطنين الأصليين» من ناحية أخرى، يكمن في حقيقة أن الآخرين هم أيضاً مهاجرون لكن منذ فترة أطول.

كيف و لماذا، في لحظة محددة من تاريخ الوجود، تصبح مجموعة قادرة على قول «نحن»، و تسمح لأفرادها بالشعور بالراحة و الشعور أنهم في بيوتهم؟ كيف يمكن لمجموعة أو مجتمع ينظمه و يحكمه التشريع، أن يربطه و يوحده الإحساس المشترك أيضاً؟ القضية في هذه المرحلة لا تكمن في معرفة الحدود الرسمية لحقوقنا، بل في التواصل مع حساسيات الآخر، و قيمه، و شكوكه، و مطالبه. في هذه الطريق يواجه المرء مسارات جديدة كما يواجه الجهود التي يبذلها الآخرون للانتماء إلى أنفسهم، للوصول إلى التوازن و السلام. يحصل المرء على التعاطف و يصبح قادراً على تحديد المساحات المقدّسة لدى «الآخر»، جارنا – و أهمية قيمه/ قيمها، ما يحب/ تحب، قناعاته/ قناعاتها، و حتى جغرافية نفسيته و وعيه/ نفسيتها و وعيها. يجب أن نتعلم من جديد كيف نقول «نحن»! تماماً كما أستطيع أن أقول «أنا» عندما أنتمي إلى نفسي، يجب أن نكون قادرين على قول «نحن» و نحن ندرك انتماءنا المشترك.


http://tariqramadan.com/arabic/2014/02/10/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B7%D9%86%D8%A9

قراءة 2092 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 08 تموز/يوليو 2015 17:40

أضف تعليق


كود امني
تحديث