عشت نهاية السبيعنات في أندونيسيا و كنت في سن نضجت فيها سريعا و الذي أعانني علي ذلك عدة عوامل منها : هامش الحرية التي كنت أتمتع بها، فثقة الوالدين الكريمين مكنتني من أن أكون فاعلة في محيطي، تعلمت تطبيق أي فكرة مفيدة ترد علي بالي و لم أجد أي ممانعة من أبي و أمي جزاهما الله كل خير عني بل كانوا يدعمونني في مبادراتي المتواضعة كمثلا :
أخذت علي عاتقي تنظيم إجتماع لأبناء الديبلوماسيين العرب لنلتقي و نتحدث بالعربية و نفكر في أعمال نمثل فيها بلدنا خير تمثيل في دولة مثل أندونيسيا. كنت كثيرة الأفكار و مزاجي عملي، حالما تتبين لي الفكرة ناجعة أتحرك لتنفيذها.
عامل آخر كان مشجع لي، الوسط الأندونيسي وسط بشري جد متنوع تجد الأندونيسيين و الصينيين و الهنود و البيض و مختلف العقائد السماوية منها و الوضعية و هذا التنوع البشري فتح عيناي علي إنسانية ربنا تعالي، فهو خلقنا شعوب و اجناس و قبائل و أعراق شتي و كل هذا خلق لدي حالة إنفتاح و إهتمام شديد بمن يخالفني في اللغة و الدين و الجنسية.
لهذا لدي قابلية أكبر من مواطنينا الجزائريين في تقبل الآخر علي علاته دون احكام مسبقة و هذا الخلق غنمته من سنوات إقامتي في اندونيسيا.
عامل آخر كان جد محفز لي : أمدني التنوع البشري بمعارف و إطلاع علي تجارب و خبرات اجناس و اقوام مختلفين عنا، فراكمت تلك المعارف و المعلومات و أحسنت إستيعابها، فإتسع افقي أضعاف أضعاف ما كان عليه قبل ذهابي إلي أندونيسيا، فالإحتكاك المباشر و خاصة في الجوانب الإيجابية يغذي بشكل هائل مخيلة و عقل الفرد خاصة إذا ما كان صغير السن.
لله الحمد من قبل و من بعد...