عاش والدي مختار عنيبة رحمه الله طفولة قاسية بإعتبار ان جدي رحمه الله إبراهيم عنيبة كان يتنقل كثيرا من أجل الإسترزاق...و كون والدي رحمه الله تيتم باكرا من جانب الأم، إضطر للإنتقال مع أخته من أبيه و أمه إلي بيت خالته و هناك عند تعرفه علي زوج خالته، سنحت له الفرصة في معرفة عن كثب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين و مدارسها. فقد كان زوج الخالة رحمهم الله جميعا من مرتادي جمعية العلماء.
أمضي سنواته الأولي يقرأ و سرعان ما أوقفت السلطات الفرنسية مشواره الدراسي في السنة السادسة إبتدائي، لم يسلم مختار عنيبة مصرا علي أخذ قسطه من العلم ليشق طريقه في ظل إستدمار فرنسي غليظ بغيض.
فهم باكرا مختار عنيبة أن العلم مفتاح الحرية و الإنعتاق من الفقر و البؤس و التخلف. لم يتواني في طلبه و إزداد تصميما علي ذلك أمام حادثتين مؤلمتين، زواج أخته بمن يكبرها سنا و إستيلاء مرابي يهودي علي بيت أبيه في بوسعادة. فقد بعد ذلك بسنين اخته الوحيدة و كان مصاب جلل لم يشفي منه أبدا و أما بيت جدي رحمهم الله بقي يبحث عن وسيلة لإسترداده بشكل قانوني حتي بعد الإستقلال و دخوله السلك الديبلوماسي.
في نهاية المطاف، المحامي الذي كلفه بالمهمة، أبلغه بإستحالة إسترداد البيت العائلي كونه من املاك الدولة الجزائرية بعد الإستقلال.
رسميا ولد والدي رحمه في 25 فبراير 1925، لكن في حقيقة الأمر دون ميلاده بهذا التاريخ كي لا يؤدي الخدمة العسكرية في الجيش الفرنسي المحتل و هذا الأمر كان عاديا في ذلك الزمان...
إلي حد الآن، لازالت فترات من حياة والدي رحمه الله طي الكتمان، لازلت أسئل من حولي و من رافقوه في مختلف الأطوار و يبقي أهم درس إستخلصته من مسيرته الطويلة :لا يأس مع الحياة و من كان هديه توحيد الله عز و جل لا خوف عليه و كلمة "الإستسلام" غير واردة في قاموس الحياة.