قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الإثنين, 29 كانون2/يناير 2024 11:52

الذّهنيّة المُقَـوْلبة

كتبه  الدكتور عبد الكريم بكار
قيم الموضوع
(0 أصوات)

كلما تقدّم البحث العلمي و تراكمت الخبرات المنهجيّة تبيّن لنا أن قدرات العقل تعي أقلّ مما كان يُظَن. و لا أقصد بالقدرات ما يمتلكه العقل من إمكانات هائلة على صعيد معالجة المعلومات، و على صعيد التنظيم و إعادة تشكيل الصيغ، و إنما أقصد قدراته على صعيد إصدار الأحكام في الشؤون الإنسانيّة و في تحديد الأهداف الكبرى و الغايات النهائيّة. إننا نكتشف يوماً بعد يوم أهمّية المعرفة في هذه الأمور و ضآلة الدور الذي يمكن أن يقوم به الدّماغ. و قد تبين أن الفراغ المعرفي و المعلوماتي هو البلاء الأكبر الذي يمكن أن ينـزل بساحة العقل. و من هنا تتبين الحكمة البالغة في الحثّ على القراءة و الاطلاع و طلب العلم.

إن عمل العقل و هو يفكر يشبه من يسلك طريقاً صحراوياً طويلاً من غير أيّ خبرة سابقة بذلك الطريق. إنّه يعرف أنّ عليه ليس أن يصل إلى هدفه فحسب، و إنما عليه أيضاً أن يحفظ تضاريس الطريق حتى يتمكن من العودة إلى وطنه، و لا يهلك في متاهات الصحراء, و لهذا فإنه طيلة الرحلة يحاول تلمّس العلاقات و الدّالات التي يتمكن بسببها سلوك الطريق في رحلة الإياب. و لهذا فإنه مشغول بحفظ الجبال التي يمرّ من جانبها الطريق، و يحفظ مسافات انعطافاته ذات اليمين و ذات الشمال... هكذا العقل حين يبدأ بتكوين المرتكزات التي سيقوم عليها عمله. إنه يجمع الفكرة مع الفكرة و الملاحظة مع الملاحظة و المقولة مع المقولة.. حتى يتمكن من بناء منطقيّته الخاصة و أنساقه الشخصيّة، و هو يتشبّث بما ينتهي إليه من ذلك كما يتشبّث سالك الطريق الصحراوي بالعلامات التي استطاع الحصول عليها.


إذا أراد سالك ذلك الطريق القيام برحلة أخرى فإنه سيجد أن من السهل عليه سلوك عين الطريق، حيث زادت خبرته به، و صارت إمكانية العودة منه أكبر، كما نشأت بينه و بين ذلك الطريق أُلفة نفسيّة تقترب من الحنين. و لهذا فإنه إذا نُصح بسلوك طريق أقرب من ذلك الطريق أو مزوّد بخدمات أفضل... فإنه سوف يستوحش من ذلك، و يتّبع الحكمة الشهيرة: "الذي تعرفه خير من الذي ستتعرف عليه". طبعاً سيكون موقفه من الطريق الجديد المقترح مختلفاً تماماً فيما لو أنه قبْل الشروع في أي سَفَر اطّلع على خارطة جيدة توضّح له كل الطرق التي يمكن أن يسلكها و ميزات و عيوب كل واحد منها. إنه في هذه الحالة يغيّر من طريق إلى طريق بسهولة؛ لأن الطريق الذي سلكه كان قد سلكه و هو يعرف أنه ليس هو الطريق الوحيد، و ليس هو الطريق الحائز على كل الميزات و المبرَّأ من كل العيوب. هكذا العقل حين يفكر و يشتغل في حالة شحّ معرفي و نقص في المعطيات الجيدة. إنه يعدّ كل ما توصل إليه من مقولات و مرتكزات و أنساق شيئاً ثميناً و نادراً، لا يمكن الاستغناء عنه أو مسّه بأي تعديل.
لقد أصبح العقل أسيراً لمقولاته، مكبّلاً بأغلال صنعها بيديه، و باتت تتحكم بعمله. و سيكون الأمر مختلفاً لو كان أمام العقل عند بدايات عمله مخزون معرفي جيد. إنه حينئذ سيدرك أنه يتّبع خيارات، و ليس يخضع لحتميات و لهذا فإنه يكون عقلاً مرناً متجدّداً مستوعباً للجديد دون أن يفقد صلته بالقديم. هذا كله يعني أن علينا أن نستمر في أمرين جوهريين:
الأول: هو التزوّد من العلم، فنحن لا نعرف إلا القليل، بل أقل القليل، و ما نجهله أكثر بكثير مما نعرفه. و بما أن المعارف تتضاعف كل عقد أو عقدين، فهذا يعني أن جهلنا جديد.
الأمر الثاني: هو التحرّر العقلي الدائم. إن علينا أن نختبر مقولاتنا و طرق تفكيرنا، و نحاول مراجعتها و تعديلها بما يتواكب مع مسيرة النضج التي نمضي فيها. بعض الناس يعتقد أننا نعيش في أسوأ زمان مرّ على أمة الإسلام بسبب ما يراه من انتشار المعاصي، و سيطرة الأعداء على الأمة... و من هنا فإنه انطلاقاً من هذا المعتقد يرى بعيني صقر كل السلبيات الماثلة في حياة المسلمين و كل المشكلات التي يعانون منها. و إذا ذُكر أمامه شيء من الإيجابيات هوّن من شأنه أو وجد له نوعاً من التأويل يجعله في مصافّ السلبيّات!

قسم آخر من الناس لديه اعتقاد أن الأمة بخير، و لهذا فإن عقله الباطن يساعده على اكتشاف ما لا يُحصى من الإيجابيّات، و التهوين من شأن السلبيّات، فريق آخر من الناس انطلق في تحليله لأسباب ما نحن فيه من منطلق (القصور الذاتي) فهو يعيد كل أشكال التخلّف في حياة الأمة إلى التحلّل الداخلي، و عدم قيام المسلمين بفروضهم الشرعيّة و الحضاريّة. و هو لا يقيم لتخريب الأعداء و تآمرهم أي وزن! هناك قسم آخر يقف في الضفة المقابلة, فهو لا يرى إلا تآمر الأعداء و تدخّلهم السافر في شؤوننا، و هو يعتقد أن الأمة لو تُركت و شأنها لما عانت من أي مشكلة و هكذا... و من الواضح أن الرؤية الصحيحة تقع بين ما يراه هذان الفريقان من المسلمين. لو تساءلنا كيف يكون في إمكاننا التخفيف من القولبة الذهنيّة في حياتنا الشخصيّة، و في حياة الناس من حولنا فقد نجد أن علينا أن نفعل الآتي:


1- الأشخاص المُقولبون ذهنياً يميلون إلى الصرامة و العناد. و هم يُعدّون من الأصناف التي تتصف بالصراحة المتناهية و الميل إلى فرض أفكار غير متّفق عليها. و قدرتُهم على ترويض أنفسهم للتعامل مع الآخرين بعدل محدودةٌ، كما أن قدرتهم على تجزئة الفكرة و اتخاذ مواقف متدرجة من الأفكار المطروحة أيضاً محدودة. و يجب أن نتعامل على هذا الأساس، و من المهم أن ندرك أن القولبة الذهنيّة ليست شراً خالصاً؛ إذ إنّ المقولبين ذهنياً يحدّون من اندفاع المتهوّرين في مسائل التجديد و التطوير، و يمنحون العمل الذي يكونون فيه درجة من الصلابة و المتانة، كما أنهم يلمّون شتاته، و يبثون القوّة في النفوس المتردّدة. إنهم عنصر أمان و عنصر توازن في الوقت نفسه.
2- التعامل مع المقولبين ذهنياً يحتاج إلى الكثير من الحكمة و اللطف و الحذر؛ إذ من السهل أن تزيد في درجة عنادهم و تقوقعهم على أنفسهم، و ذلك إذا اتهمتهم بالعناد أو ضيق الأفق. و قد يكون من الملائم اتباع طريقة (بلورة المزايا و العيوب) في مجادلتهم. نقول: ما مزايا قولك؟ ما براهينه، و ما مستنداته المنطقيّة؟ ما العيوب التي تغشاه، و ما نقاط ضعفه؟ و يُطلب منه أن يَطلب ذلك أيضاً من مخالفيه.
إن هذه الطريقة تفتح باباً للجدل، و تخفّف من لغة التحدي، كما أنها تجعل المقولب ذهنياً يعتقد أن للحوار إيجابيات، و يعترف أيضاً بإمكانية وجود درجة من الصحّة و القوّة للأقوال المخالفة.
3- من المهم في تعاملنا مع المقولب ذهنياً أن نتعلم حسن الاستماع، و أن نطلب منه ذلك، و ألاّ نلحّ في الوصول إلى نتائج فوريّة. إن جزءاً من صلابته تُشكّل بطريقة غير واعية، و سوف ينتهي أيضاً بالطريقة نفسها.
4- المقولب ذهنياً لا يملك الحساسية الكافية للتفريق بين ما يشكل رؤية شخصية اجتهادية ظنية، و بين ما يُعدّ من قبيل الثابت و القطعي، و ما يُنظر إليه على أنه حقيقة مستقرة، انقطع حولها الجدل. و أعتقد أن ضعف هذه الحساسية يشكل جزءاً من البنية المعرفية لكل البيئات التي ينتشر فيها الجهل و الفقر المعلوماتي، و لهذا فإن من المهم أن نثري تقنيات التفريق بين الظني و القطعي، و الشخصي و العام في عالم الأفكار و الآراء.
5- المقولبون ذهنياً يعطون للعقل دوراً بارزاً من أجل التعويض عن الثغرات المعرفيّة في منظومات الاستدلال لديهم. و هنا يكون من المهم التوضيح بأن العقل من غير معرفة جيدة كثيراً ما يكون عاجزاً عجزاً شبه تام عن رسم الأولويّات و عن إصدار أحكام حول العديد من الأمور الجوهرية مثل: اللائق و غير اللائق، و المهم و غير المهم، و الآمن و الخطر، و المستعجل و المؤجل... و نقوم إلى جانب هذا بتوضيح دور المعلومات في بناء الأفكار و الآراء و المواقف و الاتجاهات.
6- القولبة الذهنيّة نتاج تعليم مشوّه و بيئة يغلب عليها الجهل، و إن التقدّم على هذين الصعيدين، سوف يساعد على التخفيف من غلواء هذه المشكلة، و من الله تعالى الحوْل و الطّول.

 

الرابط :http://saaid.org/Doat/bakkar/37.htm

قراءة 200 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 31 كانون2/يناير 2024 09:04

أضف تعليق


كود امني
تحديث