قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 17 نيسان/أبريل 2014 11:37

التنوع والسلطة واحتكار القيم

كتبه  الدكتور طارق رمضان
قيم الموضوع
(0 أصوات)

من يدّعي ملكية الكونيّ؟ نلاحظ أنَّ هذا السؤال يكمن ضمن حدود الرغبة في اليقين التي يسعى دائما إليها الضمير الفردي و الجماعي. أثناء دراسته الدقيقة لـ “أصل التفاوت بين الناس” و من ثم قوة العلاقات، تخيّل جان جاك روسو (1712 – 78) حدثاً فردياً مثل النقطة التي بدأت منها فكرة الملكية، فكتب: “أول إنسان أحاط قطعة أرض بسياج و فكر و قال هذه الأرض لي، و وجد أناساً سذّجاً آمنوا بذلك و سلموا له به، هذا الإنسان هو أول مؤسس للمجتمع المدني.” ثم أضاف: “كم من الجرائم و الاغتيالات، و كم من الرعب و المحن كان لأي إنسان أن ينقذ البشرية منها لو خلع ذلك السياج و غطى تلك الحفرة و صرخ في الناس خذوا حذركم، و لا تسمعوا لهذا الدجال المدعي، فأنتم هالكون إذا نسيتم للحظة بأن الأرض لنا جميعاً، و أن الأرض نفسها ليست ملكاً لأحد.” في هذا القول يعبّر روسو عن مفاهيم “المشاركة” التي تنص عليها الروحانيات الأفريقية و الهندية الأميركية، إضافةً إلى انتقاده للملكية التي تطرّق إليها لاحقاً كلٌ من كارل ماركس (1818 – 83)، و فريدريك انجلز (1820 – 95)، و الاشتراكية العلمية.
ما نقوله هنا هو أن الاستيلاء على السلطة من خلال التخصيص غير المبرر هو بالنسبة للممتلكات العامة تماماً مثلما هو الاحتكار الكونيّ بالنسبة للقيم. و قد ادعى أنطوان دو سانت- أكزوبري (1900 – 44) بتفاؤل كبير أن “الاعتقاد بما هو كونيّ يمجّد ثروات معينة و يربط فيما بينها.” و مع هذا فإن احتفالاً كهذا يمكن أن يكون لسوء الحظ مصدراً للخلط بين “عقيدة الكونيّ” و عقيدة الذات. لا يتردد البعض في إدعاء ملكيتهم للقيم الكونيّة فيعلنون بقوة و غطرسة أحياناً قائلين: “هذا لي و لشعبي.”
انطلاقاً من كون البحث عن الكونَّيّ حاجة مشتركة، فقد بدا في بعض أحيانه سعي لملكية مطوّقة و حصرية، و لأن يكون ذلك أداة للسلطة و الهيمنة، يتخلّق عنها الحروب و الموت. فالحروب الصليبية، و الجهاد التوسعي العدواني، و التحوّل الديني القسري، و البعثات التبشيريَّة، و الاستعمار و غيرها الكثير من “المحن” و ”الأهوال” كلها أمثلة على ذلك. على المرء إذن أن يصّر بكل عزم على أن ما هو كونيّ يكمن ببساطة في معنى: الثمار لنا جميعاً، لكن الأرض نفسها ليست ملكاً لأحد.
هناك عدة طرق لتخصيص الكونيّ و ادعاء احتكاره ثم تأسيس هرمية من القيم و الحضارات و الثقافات. و أحياناً تشمل العملية إملاءات لأفكار محددة من الحقائق الكونيّة على الآخرين، بطريقة أو بأخرى، “لمصلحتهم،” طبعاً. في مملكة الكونيّ يتألف أكثر المواقف طبيعية، رغم أنه ليس أقلها خطراً، من تقليص احتمالات وجود آراء شخصية: فالحقيقة التي أؤمن بها هي الحقيقة التي يجب أن يؤمن بها الجميع، و الحقائق التي تنبع من هذه الحقيقة هي من باب أولى، كونيّة. في هذه الحالة يكون النظام قد فُرض من الأعلى، مثلما يتقبّل الإنسان بثقة كلام الله أو المعبود المطلق. كل الأديان و الروحانيات تُواجه بخطر الخداع، الذي يكون في العادة ادعاء النظر إلى جبل القيم الكونيّة من فوق، متجاهلاً بذلك وجود الأطراف المتعددة، التي تشكل جوهره، ألا و هي منظوره البشري.
أما بالنسبة للكونيّ المبني على الملكات العقلية المشتركة، فإن الظاهرة تختلف تماماً لكنها مع ذلك تواجه أخطار منطق التملك ذاتها. بالتقدم في اتجاه الخير العام، يقرّ المرء بوجود آراء و وجهات نظر متعددة، كما يقرّ بالحاجة إلى المسلّمات، و الشكوك، حتى إلى المفارقات المتناقضة للمنطق التحليلي. و يمكن للمرء أن يوطّد مبادئ الثابت و المتحرك، كما فعل سقراط (حوالي. 469 – 399 ق.م) أو أرسطو (384 – 22 ق.م)؛ أو أن يضع إطاراً و نظاماً هرمياً للحقائق بحثاً عن الحقيقة الأولى، مثلما فعل أبو يوسف يعقوب بن اسحق الكندي (حوالي. 801 – 873) و من بعده أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا (980 – 1037)؛ أو أن يحدد منهجاً عقلانياً صارماً لاستقراء الثوابت كما فعل ديكارت؛ أو أن يبدأ بملاحظة الحقائق المعقولة التي افترضها التجريبي بيركلي (1685 – 1753) و هيوم (1711 – 1776). يمكن للمرء في الحقيقة أن ينطلق من هذه الدراسات الفلسفية و المسلمات الكثيرة و أن يبني العديد من نظم الحقيقة؛ و بصرف النظر عما يقع عليه الاختيار فإن التعددية المنفذة تشير إلى نسبيتها. لذا و حين يبدأ المرء بتسلق جبل الحقيقة فعليه أن يعترف أن هذا الجبل لا يُظهر للعين إلا جانباً واحداً من جوانبه.
يبقى هناك خطر التفكير في أنه رغم وجود عدة جوانب للجبل، إلا أن طريقاً واحداً هو الذي يؤدي إلى القمة – و هو الطريق الذي نسير عليه “نحن”. لأن تقبّل تعددية فرضيات الحقيقة نظرياً لا يعني حجب خطر اعتقاد المرء أن اليقين و الحقيقة محصوران به وحده، عند التطبيق العملي؛ كما لا يعني إصدار حكم نهائي و أتوماتيكي على الأشخاص الذين يسيرون على نهج مختلف. إنهم ضحايا “الاستبعاد” حسب ما جاء في تصنيف فئات البشر للودفيغ أندرياس فيورباخ (1804 – 72)، أو هم عقول استعمرتها “المعتقدات السيئة”، أو أنهم “حقيرون” أو “أوغاد جبناء” كما أسماهم جان بول سارتر (1905 – 80). إن البنى العقلانية ليست معفاة من ادعاءات اللياقة بالحقيقة و الكونيّة. عند اقتناعنا بأننا مسلحون بملكات منطقية مشتركة مع الجميع، يصبح من المنطقي التفكير، نتيجة لذلك، بأن القيم التي نكتشفها أو نفصّلها ستكون بشكل طبيعي هي ما يفكر به الجميع.
و بالتالي فإن فرضية كونيّة المنطق قد فرضت نفسها منطقياً على كل الكائنات العاقلة. و إن لم يكن الواقع هكذا فعلى المرء أن يحسب الوقت و الارتقاء التاريخي الذين يجب اختبارهما قبل الوصول إلى تطور كامل. هذا ما عناه أوغست كومت (1798 – 1857) في نظريته حين ذكر المراحل الثلاث للتطور الإنساني (اللاهوت، الميتافيزيقيا، و الفلسفة الوضعية). بالنسبة له هناك طريق واحد مطلق لكشف الحقيقة، لا عدة طرق، و قد تقدمت بعض الحضارات ببساطة أكثر من غيرها في هذا المضمار. ما طوّره كومت، بوضعه الفلسفة الوضعية كمرحلة نهائية مطلقة، عبّر عنه في السياسة إعلان فرانسيس فوكوياما لما أسماه “نهاية التاريخ”عام 1989، مع الانتصار المرتقب للغرب الرأسمالي العلماني، أو للديموقراطية الليبرالية، بعد الحرب الباردة. إن نهاية التاريخ لا علاقة لها بالتنوّع إذن، بل بالارتقاء: و على نفس طريق التقدم البشري، نرى أن البعض هم أكثر تقدماً من البعض الآخر و بالتالي فهم قادرون على الوصول إلى الطريق الكونيّ قبل غيرهم. لا يمكن للمرء أن يلوم دعاة هذا المنهج بالاستيلاء على أي شيء، أو اتهامهم بالحيازة غير المشروعة للملكية، أو بالتقدم لاحتكار ما هو كونيّ. و هم يعترفون بنظرية روسو إن ثمار الأرض هي للجميع بينما الأرض ذاتها ليست ملكاً لأحد. لكن يبدو أن هناك طريقاً واحداً يؤدي إلى القمة، و يبدو أنهم أول الواصلين.
إنها مسألة رأي، إذ يُعتبر أصحاب العقول المتدينة أو المؤمنون و/ أو أصحاب القناعات الراسخة غالباً الأكثر عرضة لإغراء الاستيلاء على ما هو كونيّ و إدعاء احتكاره. هذا ليس بخطأ: فحين يؤمن المرء بالله أو بطريق الحق و الاكتفاء، فإنه يصبح ميّالاً و بقوة للتحدث عن، أو باسم، الله الذي يؤمن به، أو باسم الحقيقة الروحية التي يخلص لها. و ما تاريخ الأديان و الحضارات كلها التي قادها هؤلاء سوى برهان كاف على مسألة الاستيلاء و التخصيص هذه؛ إن تاريخ الحروب الدينية مليء بمثل هذه الادعاءات. لكن من الناحية الأخرى فقد سُمع عن العديد من المواقف المعاكسة: فبعض العقول المتدينة أو بعض التعاليم الروحية كانت مدركة تماماً لهذا الخطر التحقيقي الاستبدادي، فبدأ أصحابها يركزون على قيمة التنوع و الإصغاء وعلى الرفض القاطع للإكراه، و احترام تعددية الأديان و الطرائق و الآراء. و على العكس فقد انتهى الحال ببعض العقلانيين المتيقنين، و المشككين، و الملحدين أو من ذوي الفكر الإلحادي، الذين يُعرفون بأصحاب العقول المنفتحة، انتهى بهم الحال للتفكير بأن فكرة انفتاحهم نفسها تعطي مكانتهم و قيمهم نوعاً من التفوق الطبيعي. بعد الثورة الفرنسية التي يُقال بأنها وليدة عصر المنطق، مرّت عبادة العقل بالكثير من الفترات العصيبة. و انجرف بعض العقلانيين أو المشككين، ناقلين فوضى انفتاحهم و شكهم بذاتهم للآخرين، يحرّكهم نفس الإغراء الحصري: فهم لا يمانعون في وجود الحقيقة الكونيّة، لكنهم ينكرون تعددية هذه الحقيقة. هذه هي المفارقة التي قدمها هؤلاء الذين يعتقدون أن هناك طريقة واحدة للانفتاح.
إن الميل لاحتكار الكون/ أو الطرائق الكونيّة دون اكتراث، لا يقتصر على الكونيّ بحد ذاته، بل يتعلق برغبة بعض العقول في ادعاء تصوّره. و في الحقيقة فإن حالة الذهن هي مكمن الرأي، و في الحالات التي مال بها إدراك ما هو كونيّ باتجاه الاحتكار، كان يبدو أن الإغراء العقائدي كان يسيطر على الذكاء. إن الأذهان العقائدية ليست متدينة و ليست أذهاناً مؤمنة؛ بل ربما تكون الأكثر عقلانية. إن الخصائص المميزة للأذهان العقائدية هي أنها تنظر إلى الأمور من زاوية حصرية، ثابتة و مطلقة. لذا و بصرف النظر عن كون المرء متديناً أم لا، فقد يخلط الذهن العقائدي بين نفسه و بين الله – و يبدأ بالحكم من فوق، باسم الأبدية – تماماً كما قد يعتبر نفسه صاحب الرأي المطلق (تناقض في المصطلحات، كما يسميه هنري بيرغسون ]1859 – 1941[) و المركز الفريد لما يُرى و لما يجب أن يُرى. الكونيّة هي مثله الأعلى، لكن التفرد هو حلبته – حقيقته هي وحدها الحقيقة، و منطقه هو الصحيح فقط، و شكوكه وحدها هي الموثوقة.
و علاوة على ذلك فإنه من الخطاً اعتبار الذهن العقائدي ذو رأي واحد أو وجهة نظر واحدة. بل على العكس، فبقوله أن حقيقته الخاصة هي فريدة، و أن طريقته الخاصة حصرية، و أن ما هو كونيّ بالنسبة إليه هو الشيء الوحيد المناسب للجميع، فإنه يشترط في الوقت نفسه أن كل من لا يشارك في هذه الحقيقة أو تلك الطريقة أو ذاك الكونيّ فإنه يعيش، و هذا أقل ما يُقال، في عالم من الاغتراب المطلق، أو، و هذا أسوأ ما قد يُقال، مرتكب لإثم عظيم. يصبح هذا الإطار المبسّط للذهن معقداً بشكل مفاجئ. و المحيّر، بعد كل هذا، أن نرى – في خضم الحداثة و العولمة – صعود حركات جماهيرية، مثقفة نوعاً ما، و عاطفية بشكلٍ ما، لكنها عاجزة على نحو عجيب، عن إدراك تعقيد الآراء، و الطرائق و المسارات. و يبدو و كأن تواصل الجماهير بقدراتها الهائلة و ضغوطها النفسية و تعقيداتها غير المنضبطة، و قدرتها على التأثير، نجح في تشكيل كائن بشري جديد مصغّر، بصرف النظر عما إذا كان هذا الكائن شرقياً أم غربياً، شمالياً أم جنوبياً. إننا نشهد مولد العقل المزدوج – الذي يخلو و بشكل متزايد من الأفكار و الهيئات المعقدة، و الذي يقتنع بسهولة بـ “الحقائق” التي تتكرر على أسماعه و تستعمره التصورات و الانطباعات – المبهمة بشأن ذاتها بقدر ما هي واضحة و نهائية بشأن الآخرين.

____________________
الهوامش:
جان جاك روسو The Social Construct and Discourses, trans. G. D. H. Cole (London: Everyman, 1973), 84.
أنطوان دو سانت اكزوبري Pilote de Guerre (Paris: Éditions Gallimard, 1942), 84.
جان بول سارتر l’Existentialisme est un humanisme (Paris: Editions de Minuit, 1941).
بالنسبة لسارتر فإن كلمة “salaud” تشير إلى الأشخاص الذين يبحثون عن أعذار تجنبهم تحمل المسؤولية تجاه الإنسانية. وبسبب افتقارهم للشجاعة فإنهم يلومون “الآخر”، أو “المجتمع”، أو “الظروف التاريخية” لتبرير تصرفاتهم وأحياناً يلومون غياب هذه الأسباب.
فرانسيس فوكوياما،“The End of History?” The National Interest 16 (1989). وقد توسعت المقالة لاحقاً فأصبحت كتاباً بعنوان The End of History and the Last Man (New York: Free Press, 1992).

قراءة 1530 مرات آخر تعديل على السبت, 08 آب/أغسطس 2015 15:38

أضف تعليق


كود امني
تحديث