قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الثلاثاء, 13 أيار 2014 07:41

الكتابة في زمن الخوف

كتبه  الأستاذ فهمي هويدي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الكتابة فى زمن الخوف عملية مكلفة لابد لها من ثمن. و قبل أن أعرض بعضا من خبرتى فى الموضوع أنبه إلى أننى أعنى بزمن الخوف ذلك الزمن الذى يضيق فيه هامش الحريات و يتراجع القانون أمام تعاظم دور الأجهزة الأمنية. و يقدم الولاء للنظام على الولاء للقارئ و المجتمع. ثم إننى لا أتحدث عن أى كتابة، لأن كتابة الموالين و المدَّاحين مرحب بها و وحدها تعد «النقد البناء»، و أصحابها هم أهل الحظوة و الثقة الذين يكافأون ول ا يغرمون. كما أننى لا أتحدث عن الكتابة المعارضة لأن الذى يعارض فى بلادنا يعرف مقدما أن معارضته ليست مجانية. تماما كالذى يشارك فى مظاهرة لا يشفع له أن تكون سلمية. ذلك أن الخروج بحد ذاته مغامرة ليست مأمونة العاقبة. ما أعنيه كتابة سقفها أكثر تواضعا، هو تلك المهنية و الاحترافية التى تحترم الحقيقة ول ا تمانع فى النزول إلى حدها الأدنى لكنها ترفض المشاركة فى الكذب و التدليس و خداع القارئ. إن شئت فقل إنها تلك التى تلتزم بالحياد و الاستقلال و لا علاقة لها بالاصطفاف السياسى.

إحدى مشكلات الكتابة فى زمن الخوف أن ضغوطه ترفض حتى الحياد و الاستقلال، و إنما تصر على الإلحاق و الاستتباع. و هى فى ذلك ترفع شعار «إذا لم تكن معنا فأنت ضدنا». و هو ما ينتهى بتصنيف غير الموالين ضمن المشتبهين و غير المرضى عنهم. و هذا التصنيف يدرجهم ضمن قوائم النظام السوداء. و هذه لها تبعاتها التى لا حدود لمراتب الأذى فيها.

عشنا فى الستينيات زمانا كان الرقيب المعين من قبل الحكومة هو الذى يحدد فى ضوء التلقين المسبق له، ما ينشر و ما لا ينشر و ما يجوز و ما لا يجوز. و فى حالة الاستعصاء فإن المطبوعة ذاتها كانت تصادر بالكامل. لكن الأمر اختلف تماما بعد ذلك حين تقدم الوعى و تطورت وسائل الترهيب و القمع و الاحتيال على قيم الحرية و الديمقراطية. فما عادت الرقابة يتولاها موظف حكومى، إنما صارت منوطة برئاسة التحرير و مطبخ الجريدة ذاتها. و ما عادت الصحف تصادر، و انما أصبحت تحاصر و تخنق كى تموت ببطء. إن شئت فقل إن الصحف المستقلة التى لا تتخير السلطة رؤساءها تتعرض فى زمن الخوف لمختلف صور القهر المقنع. فأجهزة الدولة القابعة فى الظل هى التى تتولى الترهيب و التخويف و تمارس الضغوط. و هو ما يتم من خلال التحذيرات و التهديدات التى تنقل إلى المساهمين و أصحاب رأس المال فمنهم جهاز الإدارة المباشرة. و هذه الرسالة تنقل إلى المسئولين عن التحرير، التى ينقلونها بدورهم إلى المحررين و الكتاب، لا فى صورة تعليمات و إنما من خلال النصائح و التنبيهات التى تعبر عن القلق على مصالح المؤسسة و تتعلل بدقة المرحلة و حسابات المصلحة العامة و مقتضيات الملاءمة السياسية. و لا يقف الأمر عند حدود الاستمرار فى النصح و التحذير، و لكن ذلك يتزامن أيضا مع ضغوط أخرى قد تتمثل فى حجب الإعلانات و التلاعب فى التوزيع، و الابتزاز القانونى الذى يتم من خلال الضرائب و توافر شروط الأمن الصناعى و غير ذلك. و لا يخلو الأمر من «نيران صديقة» تطلقها أبواق المؤسسة الأمنية المنتشرة فى المنابر الإعلامية الأخرى. و قائمة الاتهامات جاهزة حيث عباءة الإرهاب تتسع لكل أحد و التسجيلات و الشائعات حاضرة لتحقيق ما يلزم.

الضغوط التى تمارس تحشر المسئولين عن التحرير فى مأزق، و هؤلاء يتوزعون على أربع فئات: فمنهم الصامدون الذين يتمسكون بأصول المهنة و الولاء للقارئ و يبذلون جهدهم للحفاظ على ذلك الموقف و لذلك يبدون الاستعداد لمراجعة السلطة و الحوار معها، و يرفضون الاستسلام لضغوطها. و منهم المرتعشون الذين يسارعون إلى الالتزام بالتعليمات تأكيدا للولاء و حرصا على كسب رضا السلطة، حتى إذا كان ذلك على حساب الحقيقة و القارئ. و منهم المزايدون الطامحون الذين يوسعون من نطاق «التجاوب» إلى حد الانبطاح الذى يجعلهم سلطويين أكثر من السلطة ذاتها. أما الفئة الرابعة فتضم الذين حسموا أمرهم من البداية و أصبحوا ممثلين للأجهزة الأمنية فى الجريدة، و هم الذين يوصفون فى خطابنا الإعلامى «بالأمنجية».

مع شيوع التصاغر السياسى و استمراره تراجعت القامات التى تنتسب إلى الفئة الأولى، و صارت القيادات الصحفية الجديدة تتوزع بين فئات المرتعشين و المزايدين و الأمنجية. و أصبح صاحب الرأى المستقل ضحية للثلاثة مجتمعين. و بات عليه ان يدفع ثمن استقلاله مرتين، مرة لأنه ليس مرضيا عنه من السلطة و ذلك يكلفه الكثير فى بلد تسيطر فيه السلطة على المقدرات و المقاليد. الأمر الذى يهدد أمنه و استقراره و موارده و طموحاته و مصالحه هو و أسرته. و مرة ثانية لأنه يتعرض للمعاناة فى نشر مادته، من جانب المرتعشين و المزايدين و الأمنجية. عند الحد الأدنى فإن ما يكتبه يظل دائما واقفا فى الحلق و صعب الهضم. و فى ثقافة القهر الجديدة فإن القيادات الصحفية لا تمنع نشر المادة فى أغلب الأحوال، و لكن الضغوط تمارس على الكاتب لإكراهه على أن يلتحق بصف الموالاة. و إلى أن يتحقق ذلك فإن ما يكتبه يظل موضوع تفتيش و تدقيق فى النص و النوايا. إذ يسلط عليه سيف المواعيد و يراجع من النواحى السياسية و الأمنية و القانونية من جانب الأوصياء الذين تشجعهم علاقاتهم بالسلطة على الادعاء بأنهم أكثر وطنية و أدرى منهم فى المصلحة العامة و الحسابات الاستراتيجية و الملاءمات السياسية، و هو ما يسلحهم بالجرأة على التوجيه و التقريع و التدخل بالتأجيل و الحذف و إبراز المكتوب أو الحط من شأنه و دفنه.

ليست هذه صفحة من سجل الذكريات، لكنها سمة لمعاناة مستمرة منذ أربعين عاما فى صحافة الرأى، تستهدف تخيير الكاتب المستقل بين الركوع أو التيئيس و التطفيش. ادعو لنا بالثبات و الصبر.

 
الرابط:
 
  •  
  •  



قراءة 1409 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 21 تموز/يوليو 2015 15:33

أضف تعليق


كود امني
تحديث