قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 17 حزيران/يونيو 2015 08:08

يسألونك عن القِوامة..

كتبه  أ.سحر المصري
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لا أفهم.. كيف يكون قوّاماً و أنا التي تنفق.. و تتعب.. داخل البيت و خارجه.. كيف يكون مُفضَّلاً عليّ لأنه فقط رجل! أليس هذا ظلماً لي؟! لو كان تقياً يخاف الله جل و علا فيّ لما توانيت لحظة عن تقبيل رجلَيه قبل يديه.. و لكنه لا يستحق.. فكيف يكون قائداً في بيتي؟!"..

ثم توقفَت عن الكلام لتأخذ نفَساً يعينها على العودة إلى حلبة النقاش بغية نصرة "المرأة" التي تعاني من مفاهيم مغلوطة في "مجتمع ذكوري شرقي" كما تحب أن تسمّيه.. و تراه يظلم المرأة حين جعل "الرجل" سيِّداً عليها و هو في أغلب الأحيان لا يرقى لهذا التكليف الربّاني، بل يتّخذه سوطاً يضرب به عنفوانها بطريقة "شرعيّة"!

و أخذت تبسط أمامي الأدلة التي توجِب القِوامة لهذا "الرجل الظالم عادة" و كأنها وجدت كنزاً يدعم ثورة بركانها "الأنثوي".. ثم تذكر حوادث و وقائع عايشتُها و رأيتُها أيضاً كأي متابع لما يدور حولنا في هذا المجتمع الذي أُصيب في رئتيه فابتاع هواءً ملوّثاً من الغرب ظنّ أن فيه الشفاء!

و بعد هذا الضجيج ساقني القدر للقاء أمين الفتوى في طرابلس فضيلة الشيخ محمد إمام، حيث كان لي معه هذا الحوار حول القِوامة شرعاً و عرفاً و ما يتعلّق بها..

و كان سؤالي الأول عن تعريف القوامة شرعاً..

و أجاب فضيلة الشيخ: القِوامة ورد ذكرها في عدد من آيات القرآن الكريم و هي في اللغة القيام بالشيء و الحفاظ عليه و رعايته.. و هي في الشرع بالنسبة لقوله عز و جل "الرجال قوّامون على النساء" لخّصها السيد محمد رشيد رضا في كتابه تفسير المنار بقوله: هي الرعاية و الحماية و الكفاية و الولاية.. الرعاية بأن يقوم الرجل بكل ما يصلح شأن امرأته و يقوم به عيشها و أن تعيش حياة كريمة سعيدة هانئة.. و الحماية بأن يحافظ عليها و يصون أسرته و عائلته.. و الرجل مطلوب منه أصلاً الحماية الخاصة لأسرته، و العامة لأمّته، و لذلك فالرجال يجاهدون و يذودون عن حمى الأوطان و الأمم.. ثم الكفاية بأن لا تحتاج المرأة شيئاً في جناح زوجها و تحت ظل زوجها بل تكون معزّزة تصل إليها جميع حقوقها بكل طيب خاطر و بطاعة الزوج لله عز و جل.. ثم الولاية فقد أتفق أهل العلم بأنها ولاية التأديب، و معناه أنه إذا نشزت المرأة أو خيف نشوزُها كما في سياق الآية، أن يقوم بدور المؤدب.. و فعلاً كثير من الناس يفهمون قوله عز و جل على غير وجهه..

و تابعت فقلت: يقول الله جل و علا "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَ بِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ" و في تفسير هذه الآية يقول الجصاص: "أي قيامهم عليهن بالتأديب و التدبير و الحفظ و الصيانة، لما فضَّل الله الرجل على المرأة في العقل و الرأي و بما ألزمه الله تعالى من الإنفاق عليها، فدلت الآية على معان، أحدهما: تفضيل الرجل على المرأة في المنزلة و أنه هو الذي يقوم بتدبيرها و تأديبها، و هذا يدل على أن له إمساكها في بيته، و منعها من الخروج، و أن عليها طاعته و قبول أمره ما لم تكن معصية، و دلت على وجوب نفقتها عليه".

و قلت.. قد يكون لي عدة وقفات مع هذه الآية الكريمة و تفاسيرها ولعلي أبدأ بالوقفة الأولى وهي: يُستنبَط من الآية الكريمة أن جزءً من التفضيل هو بسبب الإنفاق فإن لم يكن الزوج قادراً على الإنفاق هل تسقط قِوامته أم أنها تضعف؟..

فأجاب فضيلة الشيخ إمام: كما قال الله عز و جل "بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم".. الإنفاق من أسباب هذه القوامة التي جعلها الله تعالى للرجل.. و قد قالوا أن النفقة نظير الاحتباس.. أي أن المرأة عندما تحتبس في بيت زوجها و ترعى شؤونها و شؤون أسرتها فإنها تستحق الكفاية من النفقة، فهذا الأمر إن لم يؤدّه الزوج و لم يقم بهذه النفقة فإن المقابل يسقط.. و إن خروجها من بيت زوجها صار مباحاً شرعاً و ليس له أن يحتبسها و هو غير قادر على كفايتها بالشكل اللائق و الكامل.. تخرج للعمل أو لبيت أهلها و لا تعد تحت رعايته، فإن لم يوفها حقها فإنه ليس له عليها سبيل..

و سألت: ورد في كتاب مرشد المفتي أن في تعالي المرأة بسبب الإنفاق و ضعف الرجل كنتيجة لهذا الأمر "خطورة في أنه يتسبب من جرّائه احتمال اختلالٍ في انتظام الحياة على ما شرّع الله بين الزوجين أن تكون وِفق ما شرّع درءاً لِما قد يعرِّض لمفاسد، منها الظاهر و منها الخفي".. برأيكم فضيلة الشيخ كيف يمكن تفادي هذا الاختلال؟

فأجاب فضيلته: إن هذا الاختلال فرضته ظروف الحياة، و صارت أعباء الحياة تفرض أن يتشارك الزوجان في ميدان العمل و في الكسب المادي لكفاية الأسرة.. هذا إن جرى من بابه فلا ينبغي أن يؤدي إلى اختلال.. و بابه هو التالي: الأصل أن الرجل يعمل خارج البيت و يكابد الحياة و يصارع و يشتغل بعرق جبينه ليقوم بكفاية أسرته، و أن المرأة تتولى الرعاية الداخلية للبيت و تتولى شؤونه من ناحية تربية الصغار، و كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم " كلكم راع و مسؤول عن رعيته، و الإمام راع و مسؤول عن رعيته، و الرجل راع في أهله و مسؤول عن رعيته، و المرأة في بيت زوجها راعية و مسؤولة عن رعيتها، و الخادم في مال سيده راع و مسؤول عن رعيته"..

هذا هو الأصل، و عندما يكون الأصل منطلقاً لأي نظرة أُخرى، فإن الخلل ينتفي.. أما إذا اضطر الأمر إلى التغيير فإنه يكون بالرضا و التوافق.. فالمرأة إذا احتاجت أن تكون عاملة خارج البيت، فهذا إما أن يكون بإذن الزوج و إما أن يكون بغير إذن الزوج.. فإن كان بغير إذن الزوج فإن الخلل لا شك سيحصل، و إن القوامة و النفقة و كل هذه الأمور ستختل.. لكن ما يحصل اليوم أن المرأة تخرج للعمل بإذن الزوج و رضاه، فهو إذاً سيتحمل معها تبعات هذا الأمر و شيئاً من تقصيرها في دورها الأصلي داخل البيت، و عليه هو أن يتشارك معها في أعباء البيت كما هي تعمل خارجه، و هذا ليس بالغريب عن المسلم الذي يقتدي بالنبي صلى الله عليه و سلم، فقد قالت عائشة رضي الله تعالى عنها حين سئلت "ما كان النبي صلى الله عليه و سلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله، تعني خدمة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة "..

المسلم طيِّع مرِن، و ليّن يتكيّف مع الظروف، و لا يقول أنا رجل لي قوامة و عليها أن تعمل خارج البيت و داخله، فهذا ليس من خلق الرجل المسلم و لا من وعيه للحياة. فإن كان النبي صلى الله عليه و سلم يوصي بعدم تكليف العبيد فوق ما يطيقون فمن باب أولى أن يكون ذلك بين الزوجين..

كثير من الناس لا يفطنون إلى سياق الآية التي وردت فيها القوامة فالآية لها ما قبلها و ما بعدها..

و تابعت حديثي مع فضيلة الشيخ: يقول الشيخ محمد رشيد رضا أن هناك سببين لقِوامة الرجال على النساء: سبب فِطري و هو أن الله تعالى فضّل الرجال على النساء في أصل الخِلقة.. و سبب كَسْبِيٌّ و هو ما أنفق الرجال على النساء من أموالهم، فإن المهور تعويض للنساء و مكافأة على دخولهن بعقد الزوجية تحت رياسة الرجال..

فهل يمكن أن نستقي من كلام الشيخ محمد رشيد رضا أن المهر هو تعويض للمرأة عن قبولها الدخول تحت رياسة الرجل و بالتالي لا يحق لها النقاش في موضوع القِوامة، حتى لو كان الزوج لا يملك مقوِّمات هذه القِوامة؟!

و ردّ فضيلته: كما قال الشيخ رشيد رضا القوامة لها سببان وهبي و كسبي.. أما الوهبي فهو ما فضل الله الرجال في الخلقة و القوة و القدرة على الاحتمال و هذا لا يُنكر، فلذلك يجب على الرجل دون المرأة الجهاد و الأمور الصعبة و الشاقة، و إذا كان أهل اللغة يقولون زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى فهذا وارد أيضاً في حق الانسان، بأن احتمال الجسم المادي و تهيئته بشكل مخالف بين الرجل و المرأة يزيد الأعباء على الرجل و الله تعالى قال عن طالوت " و زاده بسطة في العلم و الجسم".

أما الكسبي فهو الإنفاق و المهر.. و المهر حق للمرأة و حق على الرجل، و غالب العلماء قالوا المهر مقابل الاستمتاع لقوله عز و جل "فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضة و لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليماً حكيما".. فالمهر ليس له علاقة بالقوامة .. طالما جرى عقد الزواج استحقت المرأة المهر و لو لم يُسمّى حتى فإنها تستحق مهر المثل.. لا يخلو عقد عن مهر لذلك ليس له علاقة بما يستتبع العقد من رعاية شؤون المرأة و القيام على مصالحها، و إنما إعطاؤها المهر مقابل أنها صارت في بيته و سلّمت نفسها إليه، كما يعبر عن ذلك بعض الفقهاء، سواء كان المهر مؤجلاً أم معجلاً.. أما القوامة فلها مقوماتها، و هنا تجد الكثيرُ من النساء أن أزواجهن ليسوا على المستوى الكامل و الذي يسد مسد إدارة البيت و القيام بما يصلحه على الوجه الصحيح و الأكمل.. هنا أيضاً لا بد أن نلاحظ أن المرأة قد يكون حكمها خاطئاً، و قد تعتمد معايير غير صحيحة.. و قد تنطلق من مؤثرات نفسية لتكوّن هذه الصورة عن زوجها و عليها بكل الأحوال أن تتناول الموضوع من جانبه الإيجابي و التعاوني و التصحيحي و التحاوري و الإقناعي للوصول إلى مصلحة البيت المشتركة..

فعلى الزوجة أن تتكامل مع زوجها إن حباها الله تعالى بشيء من القدرة على ذلك، و تلج من هذا الباب و لا تتناول الموضوع بطريقة الانتقاد و تنقيص لزوجها، و أنها هي الأولى أن تقوم مقامه في هذا المقام..

على كلٍّ، هذا لا يُنكر أن يوجد في كثير من الرجال و هو يندرج تحت قوله عز و جل "و لا تُؤتوا السفهاء أموالكم".. فقد يكون الرجل غير صالح للإنفاق على الوجه الصحيح، و عنده سفه في تدبير الأمور و في هدر المال.. و هنا المرأة تتدخل بالشكل الإيجابي الذي لا يلامسه سلبيات تؤدي إلى مزيد من الشقاق.. كما حدث مع هند حيث قالت للنبي صلى الله عليه و سلم إن أبا سفيان رجل شحيح فأحتاج أن آخذ من ماله.. فقال: "خذي ما يكفيك و ولدك بالمعروف"..

و سألت: ما هو التفضيل المشار إليه في الآية الكريمة فضيلة الشيخ؟ إذ يقول ابن كثير أن الرجال أفضل من النساء لهذا كانت النبوة مختصة بالرجال و كذلك الملك الأعظم و مناصب القضاء.. البعض يقرأ هذه الأفضلية بأنها نقص في المرأة خاصة أعداء الدين!

فأجاب: هذا أمر واقعي، و الواقع يشهد بهذا، فهو خير دليل و لا ينكره أحد.. و شاءت حكمة الله عز و جل أن يخلق الإنسان من هذين الجنسين.. و يخص الذكر بأمور تؤهله ليكون هو القائد العام أو القائد الخاص. و هذا لا يعني انتقاص المرأة و أن الله تعالى جعلها في مرتبة ثانية " و لا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض، للرجال نصيب مما اكتسبوا و للنساء نصيب مما اكتسبن و اسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما" و هذه الآية تسبق قول الله تعالى "الرجال قوّامون على النساء"..

فلا يجوز في القرآن الكريم أن ننظر الى جزئية و نقتطعها من سياقها و نسلِّط الضوء عليها دون ما قبلها و ما بعدها.. هذا التفضيل سنّة كونية شاءها الله تعالى أن تكون واقعاً فكيف نتعامل معها؟ لا ينبغي للنساء أن يتمنين أن يكن محل الرجال بهذه الأفضلية الجسمية و قد ورد أن أم سلمة قالت: يا رسول الله يغزو الرجال و لا تغزو النساء و إنما لنا نصف الميراث.. فأنزل الله تبارك و تعالى "و لا تتمنّوا ما فضل الله به بعضكم على بعض"..

الآية ترشد أن المعوّل عليه الكسب.. و ليس ما شاء الله أن يفضل هذا على هذا.. قد يكون التفضيل في الجنس الواحد فبالجملة لا تتمنوا.. و التفتوا إلى الأمر الصحيح و هو الكسب في الدنيا و الآخرة فهذا هو ما يهم كل مخلوق أن يسعى إلى الكسب الحقيقي.. الفوز في الدنيا و الآخرة.. هذا هو الأصل في إيمان المؤمن أصلا إذ يلتفت الى جوهر الأمور في الحياة و هو الفوز يوم القيامة "كل نفس ذائقة الموت و إنما توفّون أجوركم يوم القيامة فمن زُحزِح عن النار و أُدخِل الجنّة فقد فاز و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور" .. المؤمن يرى بأن فوزه عند الله عز و جل هو الهدف الأسمى و هو المصلحة الكبرى، لذلك قال الله تعالى "قل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون" .. كما هي عادة القرآن الكريم عندما يلتبس أمر على الإنسان و ينشغل بما لا ينبغي أن ينشغل فيه يحيله إلى ما ينبغي له أن يفعله كما قال: "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس و الحج و ليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها و لكن البر من اتقى".. فأرشدهم إلى أن يلتفتوا إلى ما يصلح شأنهم و لا يتعلقوا بظواهر الأمور.. فالإنسان في هذه الدنيا خلقه الله تعالى أصلاً غير متشابه مع غيره سواء كان رجلا أو امرأة.. لا يوجد كائنات متشابهة لأن الله تعالى أراد أن يبتلي كل إنسان بقدر ما يتيح له و ما يعطيه فهذا غني و هذا فقير وكلّ يُبتلى بكسبه ضمن ما حباه الله تعالى و هذا هو النظر الصحيح..

ثم إن الآية "الرجال قوامون على النساء" خُتمت بقوله تعالى "إن الله كان علياً كبيرا" و قد أشار كثير من المفسرين إلى هذه الخاتمة البديعة لهذه الآية.. و قال ابن كثير أن هذا فيه تهديد للأزواج إذا بغوا على زوجاتهم فليعلموا أن الله العلي الكبير سينتقم منهم و لا يرضى الظلم.. و الألوسي أيضاً في روح المعاني قال: تحذير للأزواج و ليعلموا أن قدرة الله تعالى عليهم أكبر من قدرتهم على أزواجهم إلى آخر هذه المعاني..

و سألت: الأحكام الشرعية لكل زمان و مكان.. و لكن الرجال تغيّروا كثيراً و تبدّلت مفاهيم أدوار الزوج و أحياناً نجد الزوجة هي الملتزمة الخاضعة للشرع و الزوج بعيد عنه فكيف يكون قوّاماً و يؤدبها و يلزمها بالشرع؟

فأجاب: فعلاً الإسلام خاتمة الشرائع و هو نبراس الناس إلى يوم القيامة و لكن قد يطرأ تغيير على التطبيق لدى المسلمين.. فإن قصّر مسلم في واجبه فهل يبقى له كامل الحق على غيره، كما إذا قصّر الرجل في واجباته الفردية بينه و بين الله تعالى أو الرعائية لأسرته هل له أن يطالب بحقوقه على زوجته كما لو أنه قائم بما عليه؟ هذا الأمر في الحقيقة متوازي .. أولاً علينا أن نعلم بأن الله تعالى ذمّ الذين يؤمنون ببعض الكتاب و يكفرون ببعض.. فلا يجوز للمسلم إلا أن يطبّق شرع الله تعالى كاملاً ما استطاع.. العذر الوحيد في التقصير بتطبيق شرع الله هو عدم الطاقة و الاستطاعة.. أما التقصير فليس بعذر و هو نقص في الإيمان.. فعندما يتمادى الرجل بحجة أنه ليس لأحد عليه سلطان و يفرّط في الحقوق و يسير فيما لا يرضي الله تعالى ثم يطالب الزوجة بأداء حقوقها الشرعية و يخوّفها بالله تعالى فهذا لا يستقيم، و هذا تناقض فاضح، و هذا تعسف في استعمال الحق.. إن كان الشرع قد أعطى الزوج شيئاً من الحق في التوجيه و الرعاية و الولاية فينبغي عليه أن يقوم هو نفسه عملياً بما يرضي الله تعالى، حتى يكون قدوة لزوجه و لأولاده، و لا يكون قوله مناقضاً لفعله.. لذلك لا نقول له لك كامل الحق على زوجتك إن أنت فرطت بالحقوق و الواجبات التي عليك، هذا أمر يخضع للتوازن.. فبقدر ما يعطي بقدر ما يستحق.. و هذا قد بسطه الفقهاء خصوصاً الذين قننوا الفقه و الأحوال الشخصية و القضاء بأن الزوج إن فرّط في حقوقه فإن للمرأة أن لا تطيعه إلا عندما ترى أن حقها أيضاً قد وصل إليها.. و لها أن تلجأ إلى القاضي في تحصيل حقوقها..

ثم سألت: يقول الدكتور سعد البريك أن "الرجل قيّم على المرأة، أي هو رئيسها و كبيرها و الحاكم عليها و مؤدبها إذا اعوجت". و من يؤدب الرجل حين يعوَج خاصة في البيت فضيلة الشيخ؟

فأجاب: يؤدبه أمران: أولاً الله عز وجل و خوفه من الله تعالى، و هذا ما يُقال في قوله تعالى "إن الله كان علياً كبيرا" و اختيار هذه الخاتمة لآية القوامة كتهديد للأزواج.. و يقوّمه أيضاً السلطان و القاضي.. فإذا اشتكت المرأة ظُلم زوجها إلى القاضي ينبغي أن ينصفها غاية الانصاف.. فيعزّر الزوج أي يعاقبه إما بضرب أو حبس أو أمور التعزير التي ليس فيها حد.. كما قالوا أنه إذا ضربها ضرباً فاحشاً و لو كان بحق فإنها ترفع أمرها إلى القاضي و هو يعزّره إما بمثل الضرب أو بالحبس أو بأي عقوبة مؤثرة فيه تردعه عن هذا السلوك.. فليست سلطته مطلقة.. إن كان له رادع ذاتي و هو خوفه من الله تعالى فبه و نعمّا، و إن لم يكن فالسلطان و القضاء هو السقف الذي يقوّمه و ينزع عنه شوائبه..

ثم سألت فضيلة الشيخ جواباً مختصراً عن سؤال: متى تسقط قِوامة الرجل؟

فأجاب فضيلته: إن لم يكن أهلاً للقوامة على نفسه.. فهو نفسه غير مخوّل في الشرع أن يقيم شؤون نفسه فكيف يقيم شؤون غيره.. و يحتاج لمرشد أو قيّم و لا يمكّن من الأموال التي له فهذا من الأولى أن تسقط قوامته على زوجته..

فسألت: ماذا لو كان الزوج قاسياً مع زوجته أو عاصياً مرتكباً للكبائر ألا تسقط قوامته.. فأجابني فضيلته:

إن كان عارضاً فقد يحلّ بالتفاهم بين الزوجين و التحاور و التوافق.. وقد لا يحل إلا بالقضاء و إن كان عارضاً..

أما إن كان متأصلاً فيُلجأ الى القضاء و يحاول القاضي بداية الإصلاح فإن لم يجد وسيلة للإصلاح لجأ إلى نزع القوامة و رفع الظلم عن المرأة..

أما المعاصي و الكبائر فلا تُسقِط القوامة فقد يكون منغمساً في معصية و لكنه قائم بشؤون بيته من ناحية أُخرى على وجه صحيح.. أما الكبائر فوبالها عليه و هي بينه و بين ربه جل و علا..

و أنهيت بسؤال: سوء تطبيق الرجال للقِوامة جعل البعض ينفر منها و يشوّه صورة الدين نفسِه.. لأنها أصبحت عند البعض تسلطاً و تعنتاً و قهراً للمرأة و سعياً لإلغاء شخصيتها.. يقول الإمام الزمخشري: إن الولاية تُسْتَحق بالفضل لا بالتغلب و الاستطالة و القهر.. و هذا يقودنا إلى سؤال مهم فضيلة الشيخ: ما هي ضوابط القوامة؟

فأجاب: القوامة ضوابطها الرعاية و الحماية و الكفاية و الولاية كما ذُكِر.. فهنا نجد بأن الأمور الأربعة مبناها على العطف و الرحمة و ليس على التسلط و القهر.. فإن كان الله تعالى قد أعطى الرجل خصائص خَلقية فهذا يزيد عليه المسؤولية و السؤال عند الله تعالى و الحساب.. فيجب أن يتعامل مع زوجته بالرحمة و المودة و العطف و الحنان في تطبيق هذه القوامة.. الرجال الذين يرون في القوامة السلطة و الترفع و الأمر المتعالي و القهر هؤلاء دخلوا تحت قوله عز و جل "أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض".. لأن الله تعالى لم يرد من القوامة إلا الإصلاح، و لم يرد أن تكون القوامة نقطة نفور و نقطة قهر و نقطة ظلم للمرأة.. بالعكس أرادها نقطة إحياء و تكريم و حماية للمرأة.. فالذين يسلكون غير هذا السبيل لا يقومون بالمطلوب من القوامة و لا يعطونها مضمونها و روحها و هدفها.. لذلك يمكن أن يقال بأنهم ليسوا أهلاً للقوامة من الجانب المعنوي.. و أنهم يجلبون على أنفسهم سخط الله تعالى عندما يستغلون هذه القوامة في إثبات ذاتهم و سلطتهم على المرأة لمجرد أنهم أصحاب حق في ذلك.. فهنا تطبيق خاطئ تماماً للقوامة..

قوله عز و جل "و لهن مثل الذي عليهن بالمعروف" مساواةٌ تامةٌ بما يجب لها و يجب عليها و يجب له و يجب عليه.. و قوله تعالى "و للرجال عليهن درجة" قال ابن عباس الدرجة هنا بأن يبذل الرجل مزيداً من الفضل و مزيداً من الرعاية و أن يغمِط نفسه من أجل زوجته..

و نصيحة لإخواني الرجال و لأخواتنا النساء أن الله تعالى خلق الناس من ذكر و أنثى لتستمر الحياة و ليس لتمايز الذكر و الأنثى و إنما للتكامل.. فقد قال فقهاؤنا: الحياة الزوجية تقوم على التكامل و ليس على التحاقق.. و كلٌّ يغطي الجانب الذي يختص به و يضيفه إلى الجانب الآخر من الطرف الآخر لكي تكون الحياة على أرفع ما يكون من العطف و المودة و الرحمة.. القرآن ينظر إلى الزوجين أنهما طرف واحد و جسم واحد وجهة واحدة.. فأنت هي و هي أنت!

 

وجدتُ في هذه الكلمات أجوبة شافية.. فهل زال كلّ لبس أم أن هناك ما يترنّح في القلب بعد؟!

http://saaid.net/daeyat/sahar/127.htm

 

قراءة 2002 مرات آخر تعديل على الجمعة, 19 حزيران/يونيو 2015 12:27

أضف تعليق


كود امني
تحديث