مشكلتنا مع الفساد تتطلب طول نفس و قوة صبر و شكيمة و لا تسامح مع من ثبتت عليه التهم و أولي مظاهر الفساد الذي عم الإدارة، المحاباة. لازلنا إلي حد الساعة أمام معضلة تطويق ظاهرة غير صحية لغمت فرص الملايين...لا يعين الشخص وفق كفاءته و أهليته لمنصب ما...حسابات القرب و القرابة و مرسول من فلان و بتوصية من فلان و هكذا تبوأ رديئين مناصب عمل ليسوا جديرين بها علي الإطلاق...
خربت قطاعات كاملة من جراء مزاج المسؤول المناطة به مهمة التعيين، يمنع الدستور الجهوية و العروشية و في الممارسة نجد بعض المسؤولين أول خطوة يقومون بها عند تسلمهم للمهام، تقريب منهم من يثقون به من الأقرباء و أبناء المنطقة دون أدني مراعاة لعنصر الكفاءة.
و مثل هذه المحاباة، المدخل المثالي لإستغلال النفوذ في غير محلها و الإستيلاء علي المناقصات و الأموال العمومية و النهب المنظم، الفيلا بإسم فلان و الشركة بإسم زوجة فلان و الحسابات البنكية في الملاذ الآمن و طبعا مصالح الناس في مهب الريح...
القوانين المجرمة للفساد في نظري غير كافية و غير رادعة، قطع اليد أفضل بكثير من سجن 15 سنة ...و هل القوانين لوحدها كافية إن وقع التمييز بين فاسد و آخر ؟
و هل المنظومة القانونية قادرة علي محاربة كل أوجه الفساد؟
في رأي المتواضع دائما، الجواب : لا.
خلف الفساد منظومة فكرية و إجتماعية تبيح الفساد بل تشجعه و تعارض السلوك السليم و المستقيم. و ما يتوجب علينا إيلاءه الأهمية القصوي، توفير مناخ الإستقامة الأخلاقية و المتابعة اليقظة لكل تصرف و فعل مخالف للقانون و مواد الدستور. و مثل هذه المهمة الإضطلاع بها يقع علي كاهل جميع الفاعلين من الأسرة إلي الإمام و المعلم و المسؤول و المنتخب و الإعلامي ...
ليست عملية هينة إجتثاث الفساد من واقعنا، علينا بإقتلاعه من الذهنيات و السلوكات التي تغذت علي الحرام لعقود طويلة و تطبيق شرع الله بتنفيذ حد السرقة الا و هو قطع اليد السارقة. و هذا سيستغرق وقت، جهد و عمل حثيث و قدر كبير من الشجاعة السياسية التي نود رؤيتها فعليا في الميدان...و للأسف لا وجود لهذه الشجاعة السياسية في بلادنا و بلاد المسلمين.