قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأستاذ محمد العلمي السائحي

الأستاذ محمد العلمي السائحي

 إن الإنسان ليحتار من هذه الاحتجاجات الاجتماعية التي تنفجر هنا و هناك معلنة عن مطالب شتى، كما يستولي عليه القلق و يركبه الخوف بل الفزع و الرعب الشديد، مما يمكن أن  تسفر عنه أحداثها من نتائج، قد يكون لها أسوأ الأثر على الوضع السياسي و الأمني و الاجتماعي للبلد، خاصة في هذه الظروف العسيرة التي تعرفها المنطقة العربية، إذ يتيح للقوى الدولية التي لها خلافات معنا، أن تستثمر فيها، و أن تستغلها لفرض أجنداتها السياسية علينا، خدمة لمصالحها على حساب ، و الحيلولة بيننا و بين خدمة أهدافنا الوطنية.

من الطبيعي أن يعرف المجتمع قدرا من التوتر و أن تنفجر فيه الاحتجاجات بين الفينة و الأخرى، بل قد يعد ذلك ظاهرة صحية تدل على حيوية المجتمع و يقظته و حرصه على الدفاع عن مصالحه، و هي إذ تكون كذلك قد تكون مفيدة أيضا للدولة إذ تنبه السلطات التشريعية و التنفيذية للاختلالات القانونية و ثغرات التسيير للشأن العام، فتعمل على تدارك هذا و ذاك مما يعزز مكانة الدولة، و يضمن لها قدرة أكبر على خدمة المشروع الوطني، و الاستجابة لمطامح المجتمع، و ذلك من شأنه أن يكفل لها الاستقرار و الاستمرار.

غير أن هذه الاحتجاجات إذا تكررت و راحت تحدث باستمرار، و امتدت إلى مناطق مختلفة من الوطن، و انتشرت عدواها إلى مختلف القطاعات، و لا تهدأ في مكان إلا لتنفجر في مكان آخر، فإنها حينذاك تدل دلالة قطعية على عجز و قصور تطرق إلى مؤسسات الدولة و في مقدمتها جهازها التنفيذي، مما يتطلب مراجعة للسياسة العامة للدولة، و الأدوات المعتمدة في تطبيقها، بل حتى في مدى كفاءة الرجال المكلفين بتنفيذها.  

من ذلك أن تكرار الاحتجاجات في قطاع التربية و الصحة و تواليها على مدى سنوات يدل على عجز هاتين الوزارتين عن التكفل الايجابي باحتياجات هذين القطاعين الهامين، و أنهما في حاجة فعلية لمراجعة أسلوبيهما في التسيير و الإشراف على شؤون هذين القطاعين، لأن الاحتجاجات التي تندلع في منطقة ما أو قطاع معين لا تحدث إلا  لوجود انسداد حال دون التواصل بين القاعدة و المسؤولين عنها في الجانب الآخر، و هذا هو بحد ذاته دليل قوي على الاختلال الذي اعتور عملية الإشراف و التسيير، من حيث أنه يتعذر على المشرف على القطاع الانتباه إلى الاختلالات التي يشكو منها قطاعه و التدخل فور العلم بها و إصلاحها، إذا لم يكن له تواصل جيد مع محيطه، يمكِّنه من الاطلاع على كل تغير يطرأ على قطاعه سلبيا كان أو إيجابيا، و ذلك هو ما يتيح له اختبار الوسائل و الأدوات، و التعرف على القدرات و المستوى الفعلي للكفاءات التي يعتمد عليها في تسيير شؤون القطاع، بمعنى أن الاحتجاجات الاجتماعية هي بمثابة جهاز إنذار يشير إلى وجود خلل ما في هذا القطاع و أن هناك حاجة ماسة لإصلاحه و إلا توقفت آلة العمل فيه.

ثم أن توالي و تكرار الاحتجاجات في قطاع بعينه أو جهة بذاتها على رغم التفاوض بين هذا الطرف و ذاك، فإنه لا يدل فيما يدل عليه إلا عن عدم جدية  عملية التفاوض، إما لقلة خبرة المفاوضين ، و لتأثير أطراف ما لا تريد للتفاوض أن ينتهي إلى التوافق، أو لانعدام الإرادة السياسية في التكفل بمطالب الجهة المحتجة أو الفئة المنتفضة، كما يتبّدى مثلا في احتجاجات أبناء الجنوب البطالين الذين لم يفض التفاوض معهم إلى نتيجة تضع حدا لاحتجاجهم، الذي نراه يتكرر على مدار السنوات.

و من هنا نقول إننا ينبغي أن نضع حدا لهذه الاحتجاجات، و أن لا نستهين بها، و أن  نوليها حقها من الاهتمام، لأن السكوت عنها و عدم  التكفل الفعلي بمطالبها المرفوعة، مآله و نتيجته الحتمية هي الثورة و التمرد و قلب الطاولة على الجميع، أو الاستقواء بالخارج، و لا خير في أي من الأمرين، فهلا عملنا على نزع فتيل هذه الاحتجاجات رفقا بالبلاد و العباد...

إن السياسي الذي يتولى إدارة وتسيير الشأن العام، ملكا كان أو رئيسا، وزيرا كان أو مديرا، لن يتمكن من القيام بمهامه، والنهوض بأعباء الحكم على النحو الأكمل، مالم يتبع الأسلوب الأمثل في حمل الناس على الانصياع لإرادته، وامتثال أوامره، والامتناع عما نهاهم عنه، ولن  يتم له ذلك إلاّ إذا عرفوا منه الصرامة والحزم، وعدم التساهل مع المخالفين له والخارجين عن طاعته، حتى ولو كانوا  من ذوي رحمه، أو من أقرب المقربين إليه، وهذا لا يعني أن عليه أن يكون دكتاتورا أو طاغية من الطغاة، وإنما المقصود أن يتيقّنوا منه الجد فيما يأمر به أو ينهى عنه، وهذه الحقيقة هي التي جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لمن جاء يشفع عنده في المرأة الأوزاعية التي سرقت: ( ... والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها...) وحملت عمر ابن الخطاب رضي الله عنه على أن يجمع إليه ذوي رحمه وكل قاربته كلما أصدر أمرا جديدا  للأمة ، ليخاطبهم قائلا:" لقد أمرت بكذا وكذا فلا أعلمن أحدكم يخالف أمري،  ومن خالف أمري ضاعفتّ له العقوبة"  وهي عين الحقيقة  التي جعلت زياد بن أبيه والي العراق في عهد علي بن أبي طالب ومعاوية ابن أبي سفيان  رضي الله عنهما يقول لأهل العراق في خطبته  المسماة بـ: "البتراء" لأنه لم يفتتحها بالبسملة على ما كان ولايزال مألوفابين الناس من ضرورة استهلال الخطب بالبسملة : (( ...والله لآخذن البريْ بجريرة المذنب حتى يلقى الرجل أخاه فيقول له: أنج سعد فقد هلك سعيد...)) وذلك لأن الناس إذا ألفوا من الحاكم تسامحه مع الخارجين عن القانون لسبب أو لآخر، جرأهم ذلك على رفض القانون والتمرد عليه وعلى الحاكم، فتستحيل الحياة إلى فوضى فيأكل القوي الضعيف، ويعم الظلم والحيف، وهذا  يقودنا إلى القول بأنه قد يحدث أحيانا أن يجد الحاكم نفسه في مواجهة مع الناس فيكون بين خيارات ثلاث : إما أن يرفض مطالبهم كلها، أو يقبل ببعضها ويرفض البعض، أو يسلم لهم بها جميعا، ولاشك أن الرفض الكلي للمطالب قد يؤزم الوضع ويزيده تعقيدا، كما أن التسليم لهم بها جميعا قد يذهب بهيبة الحاكم ويطيح بسلطته، كما يمكن أن يغري من لم يتمرد على الثورة والتمرد، ومن ثمة فإن الحاكم مطالب في مثل هذا الوضع، أن ينظر في هذه المطالب فما كان منها مقبولا ول يتعارض مع مصالح أطراف أخرى ولا يعصف بحق من الحقوق العامة، ولا يهدم قيمة من القيم الضابطة للحياة الاجتماعية والمنظمة لها، قبل به وأمضاه لهم، وما خالف ذلك رفضه وأصر على موقفه، وذلك من باب تعليمهم وتأديبهم، لأن الحاكم لا يسوس الناس  ويؤدبهم  بأقواله، بقدر ما يسوسهم بمواقفه وأفعاله، ولذلك تذم الليونة في مواقف بقدر ما تحمد في أخرى، ومن المواقف التي تذم فيها الليونة ولا تحمد، ذلك الموقف الذي وقفه رئيس الحكومة من إضراب التلاميذ الذين طالبوا بتحديد العتبة، حيث سلم لهم بهذا الحق، بينما التسليم للتلاميذ بهذاالحق يرتد سلبا على التعليم الثانوي والجامعي،  ويضرب في الصميم مصداقية شهادة الباكالوريا، فضلا عن أن ذلك يضاعف من التخلف العلمي في المجتمع، والأولى من ذلك وأحسن هو تمديد السنة الدراسية حملا لهم وللأطر التعليمية على الالتزام بإتمام البرنامج وإكماله مهما كانت الظروف ومنعا لهم من التعود على التماس الذرائع لعرقلة إتمام المنهاج ...

نعم لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن نتساهل مع من يعبث بالتعليم في أي طور من الأطوار أستاذا كان أو تلميذا لأن ذلك العبث هو في حقيقته عبث بمصير الأمة ومستقبلها أم غاب عنا أن حاضر الأمة ومستقبلها رهن بجودة التعليم، وهذه اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا والصين ما تبوأت مكانتها الدولية اقتصاديا إلا بفضل التعليم والحرص على جودته، فهلا فهمنا ذلك وتعقّـلناه..

الأحد, 23 شباط/فبراير 2014 19:53

حذار من المصطلحات الملغومة...

إن بعض السياسيين لا يلقون بالا لم يوظفونه من مصطلحات فيما يدلون به من تصريحات، أو يصدرونه من بيانات، ويغفلون تماما عن أن للكلمات تأثير السحر في تشكيل المواقف، وتوليد الأفكار، وتحديد السلوك، ولعل هذه الحقيقة التي تشير إلى قوة الكلمة ومبلغ تأثيرها،هي التي كانت وراء دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى الحرص على أن لا يقولوا إلا خيرا أو يلزموا الصمت إن تعذر عليهم قول الخير، ذلك أن الكلمة طيبة كانت أم خبيثة،  تفعل في النفس الإنسانية فعل الحجر الذي يلقى في البحيرة الساكنة، حيث يمتد تأثيره من نقطة سقوطه إلى جميع إنحاء البحيرة على شكل أمواج تزداد دائرتها اتساعا حتى تشملها جميعا، أعني أن الكلمة تحرك أغوار النفس، مثلما يحرك الحجر مياه البحيرة الساكنة، ولذلك قيل: "إن الحرب مبدأها الكلام"، وقد روي أن الفيلسوف  الطبيب ابن سينا نحى باللوم على زميل له كان يعالج الناس بالأحجبة والحروز قائلا: كيف تخدع الناس وتوهمهم أنك تشفي أمراضهم المستعصية بما تخطه من كلمات،وتكتبه من طلاسم، ونحن نجتهد في تشخيص الداء وتركيب الدواء ولا ندعي ذلك إنك لاتعدو أن تكون دجالا؟ فرد عليه زميله  بقوله: وما أدراك بذلك يا حمار...ٍ فغضب ابن سينا أشد الغضب حتى انتفخت أوداجه وأرغى وأزبد وقال له : أمثلك يقول لمثلي حمار ؟ عندها قال له زميله: هون عليك إنما أردت أن أقول لك إن الكلمة التي تخرجك عن طورك تستطيع أن ترجعك إليه...

فعلا إن هذا الرجل لم يعد الحقيقة فيما ادعاه للكلمة من قدرة على التأثير، فإن الكلمة قد تبلغ أسماعنا فتخرجنا عن طورنا وتقلب كياننا رأسا على عقب،وتجعلنا ننقلب إلى براكين ثائرة، وعواصف كاسحة، أوتجعلنافي رقة نسيم الربيع ولطفه، ودماثة المسامر اللبق وظرفه.

ومن هنا ينبغي علينا أن نلزم الحذر كل الحذر في استخدامنا للغة ومصطلحاتها، هذا بالنسبة لعموم الناس، أما بالنسبة للدعاة ورجال السياسة فذلك أدعى وألزم، لأن  ما يصدر عنهم من أقوال ، ويرددونه من مصطلحات، سوف يؤثر في السلوك، ويدفع إلى تبني اتجاهات واعتماد مواقف، قد تكون وبالا على المجتمع والدولة، ومن هنا نقول أن سياسيينا عندما يشيرون في بياناتهم إلى الأقليات  ينفون عن المجتمع الجزائري تجانسه وانسجامه، ويهدمون بجرة قلم ما أفنى الأسلاف عمرهم في بنائه وإعلاء صرحه من الوحدة الوطنية، إن الحديث عن الأقليات في هذا الظرف الدقيق بالذات الذي يعيشه الوطن، حيث شبت نار الفتنة في غرداية وكاد لهيبها أن يمتد إلى ما جاورها، سيضع بين يدي الانفصاليين ورقة يتاجرون بها، ومرتكزا يستندون إليه في الدفاع عن أطروحتهم، إن واجب السياسيين الأوكد والأهم هو: الدفاع عن الوحدة الوطنية، والتصدي لكل من يحاول المساس بها،والسعي الحثيث وبكل الوسائل المتاحة للتقريب بين فئات الشعب ومكوناته، وتمتين اللحمة ورصِّ الصُّفوف، ولا ينبغي لنا أن ننسى أو نتناسى أن الثورة التحريرية الكبرى ما كانت لتحقق مبتغاها، وتبلغ شأوها ومداها، لولم يركز ساستها وقادتها على هذا الجانب بالذات وفوتوا بذلك الفرصة على المحتل الفرنسي الذي كان يستثمر في الاختلافات العرقية واللغوية والدينية، ولذا أرى أنه يستحسن بسياسيينا أن يحذفوا من قاموسهم الاصطلاحيلفظ الأقليات، لأنه اصطلاح ملغوم حيث يكشف للأعداء ثغرات ينفذون منها إلينا، ويشنون غاراتهم علينا، كما يمكن أن يغري هذه الأقليات بتبني النزعة الانفصالية، فتتمزق البلاد ويهلك العباد، والأولى بالساسة من مغازلة هذه الأقليات، العمل على تجذير روح المواطنة، ونفي كل أسباب الخلاف والاختلاف، فلسنا أقل شأنا من الشعب الأمريكي الذي يعيش في ظل راية واحدة، ويتكلم لغة واحدة، وإن تعددت أعراقه، واختلفت مذاهبه ومشاربه، فدعونا إذن من  هذه المصطلحات الملغومة فهي فوق أنها مذمومة، جد مميتة لأنها بالفعل مسمومة...   

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.">عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الأحد, 16 شباط/فبراير 2014 13:42

مما لا يحدث إلا في الجزائر...

من المفارقات العجيبة التي لا تحدث إلا في الجزائر، و التي تثير الكثير من الحيرة عند البعض، و الكثير الكثير من الأسى و الحزن عند البعض الآخر، ممن لهم وشائج قوية تربطهم بهذا الوطن، الذي تنشقوا شذاه، و افترشوا أرضه، و استظلوا بسماه، و باتوا لذلك يفرحون لفرحه، و يتألمون لترحه، فعيونهم به معلقة لا تنظر إلا إليه، و أرواحهم إليه مشدودة، لا تسعد إلا به و لا تحن إلا إليه، يرجون له الخير، و يخافون عليه الغير، يذكرون خيره و يشكرونه، و يغضون عن ظلمه و جوره، فهم كما قال الشاعر العربي:

بلادي و إن جارت عليَّ عزيزة

                                 و قَومِي و إن ظنُّـوا عليَّ كرام

و هؤلاء لا يتصورون الحياة إلا في أكنافه و بين أحضانه، لا يطيقون فراقه، تضيق بهم الدنيا على رحابتها إذا ما فارقوه و ابتعدوا عنه، و تراهم يطول بكاؤهم عليه، و يشتد حنينهم إليه، يسعدهم جدا ما يحوزه من انتصارات و يحققه من انجازات، و يسوؤهم كثيرا ما يقع له من عثرات، و هذا الصنف بالذات يتساءل ساخطا محتارا، و مضطرا لا مختارا: 

لماذا لا يزال رسميّونا السياسيون منهم و الإداريون يعتمدون اللغة الفرنسية للتعبير و التسيير بلا خجل و لا حيا ء، مع علمهم أنها لغة المحتل الفرنسي الذي غزا البلاد و أذل العباد، أيعقل أن تبق إدارتنا و جميع هياكل دولتنا رهينة هذه اللغة حتى اليوم و قد مضى عن استقلالنا اثنتان و خمسون سنة ؟ أين الوطنية التي تزايدون بها يا مسؤولينا أليس من مقتضياتها أن تحترموا لغة الوطن و تجعلوا منها أداة لكل علم و فن؟ لقد كان لكم العذر في مطلع الاستقلال لقلة الإمكانيات ونقص الإطارات في اللجوء إلى الفرنسية لتسيير شؤون البلاد و مصالح العباد ، و لكن هذا العذر قد سقط اليوم و لم يعد إصراركم على استخدام الفرنسية مبررا و لا مقبولا، و ما عاد يحمل منكم إلا على محمل احتقاركم للعباد و استهتاركم  بسيادة هذه البلاد، فما علمنا أن ساسة أو إداريين في البلاد الأخرى يخاطبون شعوبهم بغير لغتهم الرسمية التي أقرها الدستور، و ارتضاها أداة للتواصل مع الجمهور، إن هذا حقا لمما لا يحدث إلا في الجزائر...

كما يتساءل محتارا، مضطرا لا مختارا: لم إذا ما أصاب مسؤولينا داءٌ عُضال، شدوا إلى الخارج  الرحال طلبا للتداوي و العلاج؟ فإن كان هذا التصرف منهم  ينبي عن عدم ثقتهم في قدرة مشافينا على  حسن التكفل بهم، و بذل العلاج المناسب لهم، فإنه ينبي كذلك عن تقصيرهم في النهوض بمهامهم، و سكوتهم عن هذا الأمر، و يطعن في أهليتهم لقيادة البلاد و السهر على شؤون العباد، أو ليس اثنتان و خمسون سنة من الاستقلال بكافية لتطوير المشافي في البلاد، و تجهيزها بالعتاد المناسب، و إمدادها بالإطار الكفء الذي يحسن أداء الواجب؟ إن هذا  حقا لمما لا يحدث إلا في الجزائر...

و هذا الصنف من الناس يتساءل محتارا مضطرا لا مختارا: لم يعاقب المواطن البطال، إذا شد إلى الخارج الرحال، طلبا للرزق المفقود، و سعيا إلى حل منشود، و لا يعاقب المسؤول الذي  أساء التدبير، و لم يحسن التسيير، و لم يستطع أن يوفر له فرص العمل، و اضطره إلى أن يهجر البلاد و يرتحل؟ إن هذا حقا لمما لا يحدث إلا في الجزائر...

إن ما يحدث في الجزائر لهو حقا من المفارقات العجيبة، التي يحتار لها أهل النهى، و إن أطالوا التفكير فيها في الصبح و المساء، لأنها كالطلاسم المزعومة، تبقى دوما غامضة غير مفهومة...

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

إن العولمة التي تعني فيما تعنيه "اصطباغ عالم الأرض بصبغة واحدة شاملة لجميع أقوامها وكل من يعيش فيها وتوحيد أنشطتها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، من غير اعتبار لاختلاف الأديان والثقافات والجنسيات والأعراق"، هي في حقيقتها أداة للهيمنة الاقتصادية على مقدرات الشعوب والأمم، فهي إذن وجه جديد للاحتلال الذي لم يعد في مقدوره اللجوء إلى القوة العسكرية المباشرة لبسط سيطرته وهيمنته على الشعوب نظرا للانتشار الثقافي وتزايد الوعي السياسي بحكم إلزامية التعليم في الكثير من الدول والتطور التكنولوجي لوسائل الاتصال والإعلام والنقل، وهذا النوع من الاحتلال الجديد والهيمنة أنكى وأشد من الاحتلال المباشر، من حيث أن النوع الأول من الاحتلال هو احتلال أجنبي صريح، يتمايز فيه المعتدي من المعتدى عليه، مما يستفز المشاعر القومية ويجعل تجنيد القوى الوطنية للتصدي له ومحاربته أمرا ممكنا، بينما هذا النوع من الاحتلال يتخذ من الدولة الوطنية ذاتها أداة ووسيلة لتركيع شعوبها والهيمنة عليها، وذلك من ممارسة ضغوط شديدة عليها عبر القوانين الدولية التي شرعها ومؤسساته التي استحدثها لهذا الغرض كالمنظمة العالمية للتجارة وبنك النقد الدولي، كما أن هذا النوع من الاحتلال أشره من سابقه لأنه يتوق لوضع أربعة أخماس سكان الأرض تحت سيطرة الخمس الثري، والحقيقة التي تستحق منا التركيز عليها هي: أن العولمة هي وليدة التحالف بين المال والسياسة ورجحان كفة الأول على كفة الثانية، بحيث أصبحت السياسة في خدمة الشركات العابرة للقارات التي يهيمن عليها ثلة من أصحاب رؤوس الأموال، تسهر على إزالة العقبات التي تعترض تمددها وانتشار فروعها في العالم لأجل تحقيق أرباح أكبر وأكثر، من أجل رفاه أثرياء العالم وعلى حساب الطبقات الكادحة. والحقيقة الأخرى التي تسترعي الانتباه هي أن العولمة أمريكية المولد والنشأة وهي تهدف إلى بسط النفوذ والهيمنة الأمريكية على العالم وقد وضعت أسسها في الاجتماع الذي انتظم في "فندق فيرمونت المدهش Fairmont - Hotel فخر سان فرانسيسكو وأيقونة الرأسماليين وكاتدرائية الثراء في العالم في سبتمبر عام 1995 اجتمع خمسمائة من قادة العالم في مجالات الاقتصاد والسياسة والمال وكان من بين الحضور جورج بوش الأب وجورباتشوف ومارجريت تاتشر ورؤساء الشركات والمؤسسات العملاقة مثل CNN وأقطاب المال والكمبيوتر وأساتذة الاقتصاد في جامعات ستانفورد وهارفرد وكان المطلوب منهم قضاء ثلاثة أيام للتفكير بعمق وتركيز لتوضيح معالم الطريق إلى القرن الواحد والعشرين وبعد مداولات ونقاشات حادة وهادئة خرجت النتيجة المدهشة لقد اختزل الحاضرون المستقبل إلى العددين 20 و 80 وظهر مصطلح Tittytainment وحسب المصطلح فإن 20% من سكان العالم ستكفي تماما للحفاظ على نشاط الاقتصاد الدولي ويؤكد عملاق التجارة Washington Sy Cip هذا الرأي إذ يقول :" لن تكون هناك حاجة إلى ايد عاملة أكثر من هذا ." فخُمس قوة العمل ستكفي لإنتاج جميع السلع وسد حاجة المجتمع العالمي إن هذه ال20% هي التي ستعمل وتكسب المال وتستهلك وسيكون الأمر كذلك عند أي بلد يطبق البرنامج الغربي ..!!  ولكن ماذا عن الآخرين ماذا عن ال80% العاطلين وهنا يظهر مدير مؤسسة سان Scoot Mc Nealy ليجيب ببساطة عن الأمر قائلا :-" المسألة في المستقبل هي ببساطة :- إما أن تأكل أو تُؤكل ..to have lunch or be lunch "لقد رُسمت في فيرمونت الخطوط العريضة للنظام الاجتماعي الجديد .. اختفاء الطبقة المتوسطة وظهور الأثرياء والمعدمين..."

وهذه الحقيقة التي نبه إليها مؤلفا كتاب  " فخاخ العولمة" الذي نشر في ألمانيا وطبع عدة مرات، هانس بيتر مارتن وهارالد تشومان اللذان  كشفا عن مساوئ العولمة، من حيث أنها تفرض على الدول إزالة العقبات الجمركية أمام  الشركات الاستثمارية، وفتح المجال لتنقُل رؤوس الأموال، والتخلي عن القوانين التي تحدد الحد الأدنى للأجور، مما يترتب عنه حرمان الخزينة العمومية للدولة التي تستضيف الشركات العابرة للقارات من الموارد الضريبية، التي توظف أساسا في ترقية الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم والنقل وما إلى ذلك.

والهيمنة الاقتصادية عبر الشركات المتعددة الجنسيات التي هي في معظمها أمريكية جرَت وراءها الرغبة في الهيمنة السياسية، فنزعت الولايات المتحدة الأمريكية لفرض ديموقراطيتها هي على العالم، والتي كانت وراء اندلاع ما يسمى بالربيع العربي في منطقتنا، حتى تستطيع أن تطوع العالم لإرادتها وتبسط نفوذها عليه بالكلية، تلك هي حقيقة العولمة، وهي بذلك لا تعدو أن تكون قناعا يتخفَى وراءه الاحتلال الأمريكي خصوصا، والغربي عموما.

إن ظاهرة الانتحار التي تجذرت في المجتمع الجزائري و كادت أن تصير من أبرز السمات المميزة له عن سواه من المجتمعات العربية خصوصا، و المجتمعات الإنسانية الأخرى عموما، باتت تستلفت الأنظار و تستدعي التأمل و التفكير، لمعرفة الأسباب المسؤولة عن ظهورها، و العوامل التي ساعدت على التمكين لتطورها و انتشارها بهذه السرعة الفائقة التي تماثل تماما انتشار النار في الهشيم، و هي إلى جانب ذلك لم تختص بجنس بذاته أو فيئة عمرية معينة، بل شملت الجنسين معا و استغرقت  كل الشرائح العمرية، أي أنها استحالت إلى وباء شديد العدوى لا تقف في طريقه سدود و لا حدود، و هي باعتبارها كذلك باتت  تشكل خطرا يتهدد المجتمع الجزائري برمته، و إني لأعتقد أنها لو ظهرت في  مجتمع آخر على النحو الذي ظهرت به عندنا لشكّل لها خلية أزمة من أساطين علم النفس، و علم الاجتماع، و علماء الإحصاء، و وفر لهم كل الوسائل و الأدوات و الأموال و ألزمهم بالتفرغ لدراستها لمعرفة حجمها و الوقوف على أسبابها و العوامل المؤثرة فيها، و وضع خطة لمحاصرتها و اجتثاث أسبابها، و لما وقف منها موقف اللامبالاة الذي نقفه منها اليوم في بلادنا هذه.

حقا إنه لممّا يحز في النفس و يملأها أسى أن نقرأ في صحفنا يوميا أخبار أولئك الذين وضعوا حدا لحياتهم بهذه الطريقة المأساوية لهذا السبب أو ذاك، ثم لا نجد فيها و لو مقالا واحدا لأهل الاختصاص و ما أكثرهم في البلاد، ينقد هذه الظاهرة و يعلق على أسبابها، و يستنفر السلطات الوطنية لتتصدى لها و تتكفل بوضع حد لها.

خاصة و أن الانتحار الذي تفشى في مجتمعنا لا يرجع إلى أسباب نفسية كما هو الحال في بقية المجتمعات، و كما يحاول بعضهم إيهامنا بذلك، بل إن معظم الحالات ترجع إلى أسباب موضوعية بحتة، كالبطالة و انعدام الدخل، أو الفشل الدراسي ، أو غلاء المعيشة، أو الادمان، أو الخلافات العائلية ، و هذه كما ترون كلها أسباب موضوعية، لكنها ترفع من حدة التوتر النفسي لدى الفرد مما يفرض عليه التفكير في الانتحار و يشجعه على الإقدام عليه.

و هذه أسباب يمكن للسلطة الوطنية التحكم فيها و الحد من تأثيرها فالبطالة و انعدام الدخل يحل عن طريق تنشيط سوق العمل، و الفشل الدراسي يمكن أن يعالج بالإصلاح الجدي للمنظومة التربوية و الدروس التدعيمية، و غلاء المعيشة يمكن تجاوزه بمحاربة التضخم و تحكم الدولة في الأسعار، و الإدمان يمكن الحد من تأثيره بتشريع أكثر صرامة يجعل من الإعدام عقوبة لمروج  المخدرات مهما كانت الكمية المروجة و هكذا...

بقي أن نلفت الانتباه أن لا أحد يفكر في الانتحار أو يقدم عليه مختارا، و إنما يفعل ذلك مكرها و مضطرا، و لا أحد يقدم على الانتحار ما بقي له أمل في هذه الحياة، فإن انسدت في وجهه أبواب الأمل، ضاقت به سبل الحياة عندها و عندها فقط  يندفع إلى الانتحار و هو مقدم غير محجم، و لذلك قال الشاعر :

                        أعلل النفس بالآمال أرقبها ما                      

                                      أضيق العيش لولا فسحة الأمل   

 إن من ينظر إلى أحوال الجزائر اليوم يدرك أنها مريضة فعلا، و أن مرضها ليس بالمرض العابر الذي يمكن لنا أن نسكت عنه، و أنها يمكن لها أن تتعافى منه مع مرور الأيام، حيث أن أعراضه المتجلية في حياتها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، تدل كلها على أنه مرض قديم عولج بطريقة غير مناسبة، ركزت على الأعراض و لم تلفت إلى العوامل الأساسية التي مهدت السبيل للمرض و مكنت لظهوره و تطوره،  و الأدهى من ذلك أننا لا زلنا إلى اليوم نعتمد نفس الطريقة الخاطئة في معالجته، على الرغم من أن أعراضه الدالة عليه، تشير إلى أن أمره قد تفاقم، و أن حاله قد بات أكثر تعقيدا، فليس من المعقول أبدا أن نُصِّر على أن ما يحدث في الجزائر اليوم هو نتيجة طبيعية للتطور الاجتماعي الذي تشهده الجزائر بفعل عوامل داخلية و خارجية كما يروج هنا و هناك، لأن التطور يقتضي أن تكون مفرزاته الإيجابية أكثر من السلبية، و لو عرف المجتمع الجزائري تطورا ما في حياته، لما ارتفعت فيه نسبة الانتحار إلى حد لا يطاق، و لما مست هذه الظاهرة جميع فيئاته العمرية و الجنسية فتشمل  الكبار و الصغار و النساء و الرجال، ثم كيف نزعم أن ما يحدث في الجزائر أمر عادي وأنه ليس فيه ما يبعث على الخوف وأنه نتيجة للتحولات التي يعرفها المجتمع بفعل تأثيرات العولمة فقط؟

في حين أن انتشار تعاطي المخدرات بأنواعها الصلبة و اللينة في مختلف أوساط المجتمع يدل على أن وطأ الحياة بات شديدا على الناس و أن الكل راح  يلتمس وسيلة للهروب من حياة لا تحتمل و واقع لا يطاق، و لو بإدمان المخدرات، و ما كان ذلك ليكون لو كانت تلك التحولات التي عرفها المجتمع هي مجرد تحولات عادية، ثم كيف نعلل نسبة الاعتداءات المسلحة و نسبة القتل في مختلف أنحاء الوطن، و ماذا نقول عن الاعتداءات الجنسية التي مست حتى الأطفال و هم بعد في مرحلة طفولتهم الأولى، و بما نفسر الانحرافات الأخلاقية التي اخترقت الجهاز التربوي، حتى صار المعلم الذي كان يحمل لواء الأخلاق عاليا في المجتمع، فإذا هو اليوم يصير العابث المستهتر الذي لا يتورع عن هتك عرض تلميذاته؟ و إلام نرجع النزيف الحاد في طاقات البشرية للمجتمع؟

إن ظاهرة " الحرقة" التي مست كل الشرائح الاجتماعية تدل دلالة قاطعة على أن الحياة في نطاق المجتمع الجزائري قد فقدت تماما جاذبيتها، بل أنها أصبحت تدفع الناس إلى الهجرة الخارجية فرارا بأنفسهم و طلبا لنجاتهم من الآفات التي حولتها إلى حياة لا تطاق.

و أخيرا لو كانت تلك التحولات الاجتماعية  مما يدخل في نطاق ما يسمى بالمألوف العادي، فبما نعلل هذه الاحتجاجات الاجتماعية المتوالية التي لم يسلم منها أي قطاع من قطاعات الدولة و أحالت حياة المواطنين إلى جحيم، و كيف يعقل أن تجتاح الاحتجاجات الاجتماعية قطاع جد حساس و هو قطاع الصحة فتتعطل آلاف العمليات الجراحية على مستوى الوطن، و لا نتحرك للبحث عن حلول مناسبة تضمن سلامة المرضى و تعول على تصحيح الأوضاع بما يرجع للقطاع هدوءه و استقراره؟

نعم إن الجزائر جد مريضة فلنتحمل مسؤولياتنا اتجاهها كاملة و لنبذل جميعا ما بوسعنا لعلاجها من هذا الداء الذي يكاد يودي بها، إن ذلك لهو من أو كد الواجبات على الدولة و الشعب معا، و لنعجل بمباشرة العلاج فإن خير البر عاجله...

  

 

إن ما يقع في غرداية من أحداث  عنف لا ينبغي أن ننظر إليه بنفس المنظار الذي ننظر به إلى الأحداث الأخرى التي تقع في الأماكن الأخرى من هذا الوطن الحبيب، بل  لا ينبغي أن ننظر إلى الأحداث الحالية نظرتنا نفسها إلى الأحداث الماضية التي وقعت فيها، و التي تمثلت في احتجاجات الشباب البطال، و لا يمكن كذلك ردّ هذا الصراع الذي انفجر فجأة إلى العامل الديني و المذهبي وحده، نعم قد يكون وظف في تأجيج العنف، و قد يكون له  تأثيره في امتداد الصراع و استمراره و لكنه لا يمكن اعتباره الصاعق الذي فجر برميل البارود في هذه الولاية العتيدة، و أي مقاربة لحل النزاع القائم بين الفرقاء تنطلق من هذا المنظور تخطيء الفهم و تضل الطريق لا محالة.

ذلك لأن أسباب الخلاف ترجع من وجهة نظري إلى عوامل اجتماعية ضاربة في أعماق التاريخ انضافت إليها مؤثرات سياسية لها تأثيرها القوي في تفجير الصراع و توجيه الأحداث، و أعني بالعوامل الاجتماعية أن الإخوة الإباضية يشكلون الأغلبية من سكان الولاية منذ نزوحهم من سدراتة  بعد سقوط الحكم الرستمي، و هذا ما جعلهم متنفذين فيها، و شكل ذلك ضغطا على الشريحة الأخرى من السكان الذين نزحوا إليها بعد ذلك و استقروا فيها، و لعب انغلاق السكان الإباضيين على أنفسهم، و إصرارهم على التميز عن الفئة الأخرى من السكان لغة و لباسا و عدم التزاوج مع الغير، في توسيع الهوة مع السكان الآخرين في هذه الولاية، و لأن الإخوة الإباضية هم الأكثر تنظيما و انضباطا مكنهم ذلك من الفوز في الانتخابات البلدية و الولائية، و لأنهم الأكثر و الأحسن تعليما يسر لهم ذلك الفوز بالوظائف الهامة في الإدارة و التعليم و الصحة و هذا الواقع جعل الشريحة الأخرى من السكان تشعر بأنها مهضومة الحقوق في هذه المنطقة التي استقرت فيها، ثم تدخل التوظيف السياسي لهذه العوامل الاجتماعية قصد تحقيق مكاسب سياسية لهذا الطرف أو ذاك و ساعد على هذا التوظيف السياسي الاختلاف المذهبي الذي يمكن الأطراف السياسية المحركة للأحداث من التخفي وراءه، كما حدث في فتنة بريان مثلا.

و إذا نظرنا إلى الأحداث الأخيرة و الظرف الذي انفجرت فيه، وجدنا أنها ليست بمعزل عن السياسة، حيث أن أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية هو ابن الولاية و من غريب المصادفة أنه من الفئة الأخرى من سكان الولاية و هو من أهم المرشحين والأوفر حظا في النجاح و الفوز بالانتخابات الرئاسية، هذا إذا لم يترشح الرئيس الحالي، فإذا اعتبرنا ذلك أصبح  احتمال أن تكون هذه الأحداث ترمي إلى عرقلة وصول هذا الرجل إلى قصر المرادية جد محتملة، سواء أكان الموظف لهذه الأحداث من داخل الولاية نفسها أو من خارجها، و لعل مما يؤكد هذا التوصيف أن محركي هذه الأحداث لم يتقدموا بمطالب اجتماعية، و أن التفاوض مع طرفي الصراع لم يفض إلى حسم الخلاف، فلو كان سبب الصراع مذهبي ديني أو حتى اجتماعي لأمكن التوصل إلى حل يرضي الطرفين، و إذن يبدو وفقا لذلك أن الأحداث تستهدف حماية المنطقة مما قد يترتب عن فوز ابن المنطقة في الاستحقاقات الرئاسية القادمة...